الأحد 22 ديسمبر 2024 03:40 مـ 20 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    العقل المنهجي

    رابطة علماء أهل السنة

    استثمرت الصحوة الإسلامية عبر الخمسين سنة الماضية الكثير من الجهد في تشييد الصرح الأخلاقي والسلوك الاجتماعي الجيد لدى الشباب، لكنها لم تستثمر إلا القليل في بناء العقل المنهجي وإنضاج الرؤية الشاملة وهذا جعلنا نشاهد جيوشاً من المتعصبين والمتحازبين كلما وقع خلاف بين اثنين من أهل العلم وكلما طُرحت فكرة تجديدية...
    بناء العقل المنهجي يتطلب تثقيفاً وتدريباً واسعي النطاق على تحرير العقل من الخرافة ومن مجازفة القول بغير علم ومن الاعتداد الزائد بالرأي الشخصي مع سماحة فكرية تجاه التجديد والتنوع.


    من سمات العقل المنهجي:
    1 - إدراك الفرق بين ما هو ثابت وقطعي فيستسلم المرء له وله أن يجادل في تفسيره وتحديده، وبين ما هو موضع نظر واختلاف فيدافع عن وجهة نظره مع الاعتقاد بإمكانية خطئه أي أنه يعتقد أن رأيه نسبي الصواب؛ ورحم الله الإمام الكبير ( الشافعي) حين قال: مذهبنا صواب يحتمل الخطأ، ومذهب غيرنا خطأ يحتمل الصواب.
    هذا ليس في الأمور الشرعية فقط وإنما في كل مجالات الحياة؛ حيث إننا كلما مضينا في اتجاه الأصول والكليات كان الاختلاف نادراً وكلما مضينا في اتجاه الفروع والجزئيات كان الاتفاق نادراً.
    2 - العقل المنهجي يدرك أن التعامل مع الظواهر الإنسانية الكبرى دائماً صعب بسبب ما فيها من غموض وتعقيد ولهذا فإن فهمها يحتاج إلى بحوث معمّقة مقارنة ومع ذلك فإن النتائج تكون تقديرية واحتمالية.
    والعقل المنهجي يعرف أن من غير الصواب تفسير ظاهرة كبرى بعامل أو سبب واحد وإنما دائماً هناك عوامل عدة وذات أوزان مختلفة.
    ظاهرة التقدم الحضاري في بلد وظاهرة التخلف في بلد آخر، هي من الظواهر الكبرى.
    3 - من سمات العقل المنهجي السعي الشديد إلى رؤية الواقع على ما هو عليه وهذا يتطلب امتلاك الأدوات المطلوبة لذلك، ومن تلك الأدوات التخصص والقرب من الواقعة لفهم ظروفها وملابساتها، كما أن من الأدوات الخبرة والاجتهاد الجماعي.
    بعد الرؤية المدققة للواقع يأتي الحكم عليه وهذا يحتاج إلى التحرز من الظنون والأهواء ومقاومة الضغوط الخارجية.
    إن ما يمكن أن يقال في هذا الشأن كثير...وكثير ..... و ..... و


    نحن في أمس الحاجة اليوم إلى بناء العقل المنهجي والرؤية الموضوعية المنفتحة على الواقع والعالم، لأنه كلما مضى الناس أكثر في سلم الحضارة ازداد الواقع تعقيداً وصرنا إلى تحسين السوية الفكرية أحوج.


    بناء العقلية الجيدة يحتاج إلى التعمق في العلوم الإنسانية واستيعاب المرتكزات الكبرى للتفكير العلمي.


    والله المستعان.

    العقل المنهجي الصحوة الإسلامية التفكير العلوم الإنسانية