تشاد ... بعد مقتل ديبي قوات التمرد تؤكد أنها تواصل طريقها للعاصمة نجامينا
رابطة علماء أهل السنةأكدت قوات التمرد في تشاد أنها تواصل طريقها للعاصمة نجامينا، بعد ساعات من إعلان الجيش مقتل الرئيس إدريس ديبي، وتشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد في فترة انتقالية.
وتعهد المتمردون مساء الثلاثاء بالوصول إلى نجامينا، ورفضوا "رفضا قاطعا" تشكيل المجلس العسكري الانتقالي برئاسة نجل إدريس ديبي.
وقال الناطق باسم جبهة التناوب والتوافق كينغابي أوغوزيمي دي تابول "نرفض رفضا قاطعا المرحلة الانتقالية وننوي مواصلة الهجوم".
وأضاف "تشاد لا يحكمها نظام ملكي، يجب ألا يكون هناك انتقال للسلطة من الأب إلى الابن".
وتابع "قواتنا في طريقها إلى نجامينا، لكننا سنترك ما بين 15 و28 ساعة لأبناء ديبي، كي يدفنوا والدهم وفق العادات".
وأعلنت جبهة الوفاق من أجل التغيير (المعارضة) رفضها لسياسة الأمر الواقع والخضوع "لأي كيان يمارس السلطة بالعنف"، وقالت إنها ستحارب "النظام العسكري المستمر منذ ثلاثة عقود".
وأكدت الجبهة معارضتها لكل نظام قائم على القمع والديكتاتورية واستغلال الدين، على حد تعبيرها.
بدورها، قالت مجموعة العمل والعدل المعارضة إن تشاد ليست مملكة، ولا يمكن انتقال السلطة بين أعضاء الأسرة الحاكمة، مضيفة أن "قوات المقاومة الوطنية" تتجه في هذه اللحظة نحو العاصمة.
في المقابل، أعرب رئيس الحركة الشعبية للإصلاح في تشاد بابا لادي عن تأييده لإنشاء مجلس عسكري يرأسه نجل رئيس البلاد إدريس ديبي.
وقال "أطلب من كل الحركات السياسية العسكرية أن توافق وتؤيد شجاعة هذا الجنرال الشاب الذي يترأس هذا المجلس حتى يستمر الهدوء والاستقرار. هذه المرحلة الانتقالية يجب أن تدار بحكمة بالغة، والجنرالات المحيطون به شخصيات يمكننا الاعتماد عليهم".
وفي وقت سابق، قال مراسل الجزيرة فضل عبد الرزّاق إن ديبي كان يقود بنفسه معارك ضد حركات مسلحة، وأضاف أنه عقب إعلان مقتله تم انتشار محدود للجيش في محيط القصر الرئاسي بالعاصمة نجامينا.
وقال الجيش في بيانه المتلفز إن "رئيس الجمهورية إدريس ديبي إيتنو لفظ أنفاسه الأخيرة مدافعا عن وحدة وسلامة الأراضي في ساحة المعركة".
وأوضح الجيش أن ديبي (68 عاما) قُتل أثناء "مواجهته إرهابيين قادمين من ليبيا في الشمال"، وأنه كان يتفقد القوات التشادية المقاتلة.
وتدور المعارك منذ أيام في منطقة زيكي بإقليم كانم (شمالي البلاد) بين القوات الحكومية وحركات مسلحة، وأسفرت عن مقتل المئات.
وحذرت السفارة الأميركية في تشاد هذا الأسبوع من تحرك الجماعات المسلحة باتجاه العاصمة نجامينا، ودعت دبلوماسييها غير الأساسيين إلى مغادرة البلاد، قائلة إن تلك الجماعات باتت قريبة من العاصمة.
وكان ديبي -الذي حكم تشاد طيلة 30 عاما- على وشك بدء ولايته السادسة، بعدما أعلنت لجنة الانتخابات الاثنين إعادة انتخابه بـ79.32% من الأصوات، في الاقتراع الرئاسي الذي جرى في 11 أبريل/نيسان الجاري.
مجلس عسكري انتقالي
وعقب إعلان وفاة الرئيس، قال المتحدث باسم الجيش الجنرال عازم برماندوا أغونا -في بيان تلي عبر الإذاعة الوطنية- إنه "تم تشكيل مجلس عسكري بقيادة نجله الجنرال محمد إدريس ديبي إيتنو (المعروف أيضا بالجنرال محمد كاكا)"، وأضاف أن "المجلس اجتمع على الفور وأعلن ميثاق انتقال السلطة".
وقال الجيش إن المجلس العسكري الانتقالي سيدير شؤون البلاد لمدة 18 شهرا، "ويضمن وحدتها واستقرارها"، وأضاف أن المجلس سيعلن ميثاقا بشأن حل البرلمان والحكومة، كما دعا في الوقت نفسه "جميع التشاديين في الداخل والخارج إلى الحوار"، وقال إنه سيعمل على تشكيل حكومة ومؤسسات انتقالية تشرف على تنظيم انتخابات.
وأعلن الجيش على الفور سلسلة من الإجراءات الاستثنائية، تشمل حظر التجول في كل أنحاء البلاد بين 6 مساء و5 صباحا، وإغلاق جميع منافذ البلاد البرية والبحرية حتى إشعار آخر.
وتشهد العاصمة التشادية هدوءا حذرا، حيث حافظ الجيش على انتشار دباباته في محيط القصر الرئاسي والتقاطعات القريبة منه.
وأشار مراسل الجزيرة إلى أن دستور البلاد ينص على أن يتولى رئيس البرلمان رئاسة البلاد مؤقتا عند وفاة الرئيس أو عجزه عن أداء مهامه.
وقال جوناثان أوفي أنسا رئيس تحرير مجلة أفريكا بريفينغ (Africa Briefing) في حديث للجزيرة إن ما يجري في تشاد انقلاب عسكري، وإنه لا يستبعد أن يكون ديبي قُتل على يد أحد جنرالاته.
ورأى أن إعلان الجيش مقتله خلال المعارك مع الحركات المسلحة ليس منطقيا، بعد أن قالت السلطات إنها نجحت في صد المتمردين عن العاصمة نجامينا.
مواقف دولية
من جانبها، شددت باريس على أهمية "الانتقال السلمي" للسلطة في تشاد حليفتها في منطقة الساحل. وتعتبر فرنسا -قوة الاستعمار السابقة لتشاد- نظام ديبي شريكا أساسيا في الحرب على "الحركات الإسلامية المتطرفة في الساحل".
وقال البيان "فقدت تشاد رئيسا عمل دون هوادة من أجل أمن البلاد واستقرار المنطقة على مدى 30 عاما، لقد فقدت فرنسا صديقا شجاعا".
وأكدت باريس أهمية أن "تتم المرحلة الانتقالية في ظروف سلمية، وبروح من الحوار مع كل الأطراف السياسية والمجتمع المدني، والسماح بالعودة السريعة إلى حكومة تشمل الجميع، وتعتمد على المؤسسات المدنية.
وفي حديث للجزيرة، دانت المتحدثة باسم البيت الأبيض أعمال العنف في تشاد، وأكدت تأييد واشنطن للانتقال السلمي للسلطة وفقا للدستور.
ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى ضبط النفس واحترام حقوق الإنسان وتنظيم انتخابات شاملة.
أما المفوضية الأفريقية فأعلنت على لسان رئيسها موسى فكي تعازيها، ووصفت الرئيس الراحل برجل الدولة العظيم.
ومن جهتها أكدت دولة قطر دعمها لما يلبي تطلعات الشعب التشادي في الأمن والعيش الكريم ويحفظ استقرار المنطقة.
كما أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بجهود إدريس ديبي في خدمة القضايا الأفريقية، واصفا إياه بالزعيم الوطني والحكيم.
وفي رسالة نعي، أشاد مجلس السيادة في السودان "بإسهامات ديبي الفعالة في خدمة قضايا القارة الأفريقية".