مصر ... الطلاق يهدد بانهيار المجتمع في عهد الانقلاب بسبب الفقر
رابطة علماء أهل السنةيواجه المجتمع المصري تزايدا في حالات التفكك الأسرى وانهيار المنظومة التربوية والقيمية في عهد الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية، وتصاعد أعداد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 60% من إجمالى عدد السكان بحسب تقديرات البنك الدولى؛ الأمر الذي أفضى إلى زيادة نسبة الطلاق إلى مستوى غير مسبوق.
وفي هذا السياق، كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن وقوع 1.9 مليون حالة طلاق في مصر خلال الـ 10 سنوات الماضية. وقال الجهاز فى تقرير له، إن تطور الحالات منذ عام 2010 وحتى 2019م يشير إلى أن المعدلات في العام الماضي وصلت لنسبة مرعبة؛ حيث تصدرت محافظة القاهرة قائمة أعلى عشر محافظات على مستوى الجمهورية في عدد حالات الطلاق وبلغت الحالات 154.4 ألف حالة.
منظومة القيم
حول أسباب التزايد الكبير في حالات الطلاق، قالت فاطمة عبد الرؤوف، الكاتبة المتخصصة في قضايا الأسرة: "لا يمكن تفسير ارتفاع معدلات الطلاق بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية فقط، مشيرة إلى أنه رغم الدور الكبير لسوء الأحوال المعيشية فقد شهدت البلاد أزمات اقتصادية كبيرة وطاحنة، ولم يكن معدل الطلاق على مثل هذا النحو". واضافت فاطمة، فى تصريحات صحفية: "إن العامل الاقتصادي يأتي مرتبطا مع التطلع لمستوى معيشي أعلى، لكن ارتفاع معدل الطلاق يأتي في ظل غياب منظومة القيم، أو ربما انهيارها تحت وطأة حالة الإحباط المنتشرة بين الشباب حديثي الزواج؛ نظرا لانسداد الأفق السياسي وغياب النموذج الثقافي والقيمي الذي يشبع الحاجات العليا للإنسان". وأشارت إلى أن الشباب استعاض عن منظومة القيم بمجموعة من "القيم" التافهة الرخيصة، وعمل إعلام السيسي على تضخيمها، فكانت النتيجة المنطقية انهيار كثير من مشاريع الزواج التي هي بحاجة لنوعية مختلفة من القيم الحاكمة. وتابعت فاطمة: لا يمكن أن نتجاهل الدور الخطير الذي لعبته الأفكار النسوية المتطرفة التي يتبناها إعلام السيسي والمفروضة بقوة القوانين.
ثلاثة أسباب
وأكد الشيخ هاشم إسلام، عضو لجنة الفتوى في الأزهر سابقا، أن زيادة معدلات الطلاق نتيجة متوقعة في العصر الذي نعيش فيه، مرجعا ذلك إلى ثلاثة أسباب: أولها البعد عن الدين، وثانيها، الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية، وثالثها، الدور السلبي لوسائل الإعلام. وراح الشيخ هاشم إسلام يشرج ذلك؛ موضحا أن تفاقم معدلات الطلاق يعود إلى البعد عن المفهوم الديني الحقيقي للزواج والأسرة، مشيرا إلى أن القرآن الكريم وصف عقد الزواج بـ"الميثاق الغليظ" في قوله سبحانه وتعالى ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾". وقال اسلام، فى تصريحات صحفية: "الميثاق الغليظ لم يطلق إلا على أمرين – هما ميثاق الزواج وميثاق الأنبياء، وجعله الله رابطا مقدسا، وجعله أبغض الحلال؛ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة"، من أجل الحفاظ على وحدة الأسرة، ومنح الزوجين أكثر من فرصة لمراجعة نفسيهما". وأوضح أن تزايد معدلات الطلاق ترجع بجانب البعد عن الدين- إلى تردي الأوضاع الاقتصادية التي تثير المشاكل بين الزوجين، وأيضا الخطاب الإعلامي البائس الذي يشجع المرأة على فعل كل شيء دون نظر إلى العواقب، وتسهيل موضوع الطلاق، وهو ما ينذر بكارثة.
الأولى عالميا في الطلاق
ونوهت الدكتورة أمل فتحي، خبيرة علم الاجتماع والعلاقات الاجتماعية، إلى أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا في ارتفاع نسبة الطلاق وفقا للإحصاءات، لافتة إلى أن حالات الطلاق بدأت تتفاقم أيضا في المجتمعات الريفية لأسباب كثيرة، منها صغر سن الزوجين، وتدخل الأهل، ونقص الوعي، والأسباب المادية، وسوء العشرة مثل واستخدام الألفاظ السيئة والإهمال وسرعة الغضب والانفعال، وعدم التعاون والتشاور، وأيضا إفشاء الأسرار الزوجية والتدخل الخارجي غير الحكيم. وطالبت د. أمل في تصريحات صحفية، بمعالجة تلك الأخطاء للحفاظ على نسيج المجتمع من التحلل، وذلك من خلال نشر الوعي المجتمعي عن أضرار وعواقب الطلاق، وتوعية الشباب بضرورة حسن الاختيار ومعرفة الواجبات والحقوق. وأشارت إلى أن هناك حلولا لتجنب مشكلة الطلاق، كتعزيز الاحترام المتبادل بين الطرفين، والحفاظ على المودة والرحمة في العلاقات، وعدم السماح بالجفاء بين الزوجين، واهتمام كل منهما بالآخر، والاتفاق بين الزوجين منذ البداية على الطريقة السليمة لحل الخلافات أولا بأول، والتحلي بالصبر والهدوء وعدم الغضب السريع، والتعبير عن العواطف بالكلام والتصرفات.