النيوزويك تنتصر للتعاليم النبوية في شأن الوباء
رابطة علماء أهل السنةفجأة ومن دون أي مقدمات ظهر هذا الفيروس المرعب وبدأ يفتك بالعالم فتكا، وتوقفت الحياة في كثير أو في معظم دول العالم.
الخسائر بالمليارات، وجلس الجميع في بيوتهم ينتظرون الفرج الذي نتمنى من الله أن يكون قريبا.
فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة يثبت للإنسان أنه مخلوق ضعيف، ومهما بلغ من العلم فإنه لا يساوي شيئا أمام قدرة الله عز وجل {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. نسأل الله أن يرفع عنا البلاء والوباء.
لكن الذي يلفت الأنظار هو انبهار الكثير من الغربيين بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فيما يخص النظافة والطهارة وإجراءات الحجر الصحي في السنة المحمدية والتعامل مع الأوبئة.
من قبل عندما كنا ننقل للناس السنة النبوية ونعلمهم الآداب المحمدية مثل آداب العطاس والتثاؤب وآداب النظافة الشخصية.. كان العلمانيون يسخرون منا، ويقولون: “الغرب طلعوا القمر، وأنتم ما زلتم تتكلمون في آداب العطاس ودخول الحمام والخروج منه”.
ورغم أننا لا ندري ما العلاقة بين طلوع القمر وآداب العطاس والنظافة، وهل النظافة تمنع من طلوع القمر!!.. ورغم أنه ليس أحد من المسلمين ينكر أهمية العلوم والبحث العلمي، بل على العكس لن تجد مجالا علميا إلا وفيه علماء مسلمون بارعون، رغم ضعف المسلمين الحضاري والمادي وضعف الإمكانات والاهتمام بالبحث العلمي..
لكن الطريف هنا هو أن هؤلاء لا هم صعدوا القمر، ولا قدموا للبشرية شيئا نافعا، ولا هم تعملوا آداب العطاس والنظافة الإسلامية.
لكنهم الآن ومع الأوضاع الجديدة وانتشار فيروس كورونا واجتياحه للعالم، وجدوا أنفسهم مضطرين أن يقضوا أوقاتا طويلة ليتعلموا هذه الآداب ليحموا أنفسهم من الكورونا.. ويا سبحان الله.. عندما جاءتهم التعاليم والآداب من النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبلوها، بل سخروا منها واستهزؤوا بها، ولما جاءتهم من الأطباء ومن منظمة الصحة العالمية سارعوا إليها والتزموها.
لكن بالنسبة للعلمانيين في الغرب فالأمر يختلف قليلا.. لأن عندهم شيئا من الإنصاف، فإنهم لم ينكروا عظمة هذه الآداب الإسلامية ولم يسخروا منها، وإنما نظروا إليها بعين التقدير، بل وربما الانبهار، وتكلموا عنها بكل معاني الإكبار والإجلال والاعتراف لها بالسبق والصحة.
النيوزويك تتكلم
فعلى سبيل المثال فإن “مجلة النيوزويك الأمريكية” نشرت تقريرا بتاريخ 17 مارس2020 ـ بمناسبة كورونا ـ ذكرت فيه الكثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تتحدث عن النظافة والحجر الصحي ومواجهة الأوبئة.
وكاتب المقال أو التقرير هو الباحث والأستاذ بقسم علم الاجتماع في جامعة رايس الأمريكية، “كريج كونسيدين”، نشر مقاله على الموقع الإلكترونى للمجلة تحت عنوان “هل يمكن للصلاة وحدها أن تواجه وباء مثل كورونا.. حتى النبي محمد لا يقبل ذلك”.
يبدأ المقال ليقول: إن الحكومات والأطباء يقدمون للناس أفضل النصائح لمواجهة الفيروس، ويذكرأيضا أنهم يقولون: إن النظافة والحجر الصحي والانعزال عن الآخرين كلها هي أفضل الطرق لمواجهة الفيروس والقضاء عليه..
ثم يطرح سؤالا يقول: هل تعرف أيضا من نصح بهذه الأشياء خلال انتشار الأوبئة؟ إنه النبي محمد.. “هكذا يقول صاحب المقال”.. وذلك قبل أكثر من 1300 سنة(هكذا قال).
ويبدو أن صاحب المقال كان متعجبا؛ لأنه يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن خبيرا في هذه الأمور بأي صورة من الصور.. وهذا كلام صحيح تماما.. لأن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بيئة جاهلة ليس عندهم أي علم بهذه الأمور الطبية، ولا بأمور النظافة التي تحميهم من مثل هذه الأوبئة، وهو أيضا لم يتلق تعليما من أي نوع، زد على ذلك أنه عاش منذ أكثر من 1400 سنة. فكونه يأتي بهذه التعلميات هو أمر غريب جدا علميا وتاريخيا وجغرافيا..
ثم يستمر كاتب المقال فيعرض أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: “إن الرسول محمد يقول: [إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها وإن كنت فيها فلا تخرجوا منها].. وهو ذاته ما يطبقه العالم حاليا من منع السفر من وإلى الدول التي فيها إصابات.
طبعا أنت أيها القارئ الكريم الآن يمكن أن ترى هذا التوجيه النبوي شيئا طبيعيا جدا وعاديا جدا، وهو بالفعل عادي وطبيعي في زماننا حاليا في القرن الحادي والعشرين، ولكننا نتكلم عن القرن السابع الميلادي، حيث لم يكن عندهم أدنى دراية بهذا الكلام.. زيادة على ذلك أن هذا الكلام قيل في بيئة أمية تماما كل شغلها التجارة، وكل ما يشغله أهلها رعي الأغنام.. فهو تماما كما لو سمعت اليوم راعي غنم يتحدث في الكيمياء أو الفيزياء أو الفلك ويأتي في هذه الفنون والعلوم بالعجائب.
نعود لكاتب المقال، والذي يذكر حديثا آخر من أحاديث الرسول المتعلقة بهذا الباب وهو قوله: [لا يورد ممرض على مصح].. وهو نهي عن أن يدخل الإنسان المريض على شخص سليم، وهذا أيضا ما يفعله العلم اليوم بما يسمى بالحجر أو العزل الصحي.
ثم يذكر الكاتب حديث [الطهور شطر الإيمان].. ويقول: في الوقت الذي نجد فيه بعض الأديان لا تهتم بالنظافة الشخصية ـ بل بعضها يعتبر اعتزال الماء أمرا يتقرب به لله عز وجل ـ نجد في الإسلام الطهارة والنظافة جزءًا لا يتجزأ من الإيمان.
ثم يذكر حديث [إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا؛ فإنه لا يدري أين باتت يده].
يعني من أراد أن يستعمل ماء من إناء فلا يضع يده فيه مباشرة، ولكن يأخذ منه ثم يصب على يديه فيغسلها ثلاثا أولا، قبل أن يضعها في الوعاء الكبير.. وهذا اهتمام كبير بالنظافة لا تجد له مثيلا في أي دين آخر.
ومرة أخرى مع صاحب المقال حيث يذكر حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: [تداووا عباد الله فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء إلا الهرم] يعني الشيخوخة. وكأنه يلمح إلى أن الإسلام يأمر بالأخذ بالأسباب في علاج الأمراض، وليس فيه “دروشة”. ويستدل على ذلك بذكر حديث الأعرابي الذي جاء يسأل النبي “أرسل ناقتي وأتوكل؟ فقال له رسول الله:[اعقلها وتوكل]. أي قيدها واربطها ثم توكل.. لأن التوكل لابد فيه من الأخذب الأسباب… نعم ندعو الله أن يشفينا، وأن يرفع عنا المرض والوبا والبلاء، ولكن مع الدعاء نأخذ بالأسباب والعادات الصحية التي تقينا من الأمراض، ونتناول الأدوية كي نعالج أنفسنا هذا هو دين الإسلام.
لقد جاء هذا االمقال في مجلة كبرى في أمريكا ليؤكد للناس أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قد سبق الدنيا كلها بأربعة عشر قرنا من الزمان، وأن الهدي النبوي والشرع الرباني فيه الخير الكثير لأتباعه، وحتى لمن تبع هذا الهدي من البشر، ولكن تبقى الآية الكبرى وهي أنه وحي من عند الله إذ مثل هذا لا يمكن معرفته في مثل ذاك الزمان البعيد إلا من قبل عالم الغيب والشهادة سبحانه جل في علاه.. وصدق الله العظيم إذ يقول: {ما ضل صاحبكم وما غوى . وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحي يوحى}(النجم:2ـ5)… صدق الله العظيم.