الأحد 22 ديسمبر 2024 02:40 مـ 20 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    أخبار أوروبا

    فرنسا ... إضراب واحتجاجات حاشدة ضد خطة إصلاح نظام التقاعد

    رابطة علماء أهل السنة

    خرج مئات الآلاف من الفرنسيين في معظم أنحاء البلاد الخميس في مظاهرات وضعت الرئيس إيمانويل ماكرون وأعضاء حكومة رئيس وزرائه إدوار فيليب في اختبار هدفه إجبارهم على التخلي عن خطة إصلاح نظام التقاعد. وذكرت الكونفدرالية العامة للعمل أن 250 ألف شخص شاركوا في العاصمة باريس في المظاهرات التي شهدت بعض أعمال العنف وأسفرت عن توقيف 71 شخصا.

    أدى إضراب على مستوى البلاد إلى شل الحركة في معظم أنحاء فرنسا فيما نزل مئات آلاف الأشخاص إلى الشوارع للاحتجاج على خطة لإصلاح نظام التقاعد تعهد بها الرئيس إيمانويل ماكرون وتقول النقابات إنها ستجبر الملايين على العمل لفترات أطول أو مواجهة اقتطاعات في المزايا.

    ولقد تم إلغاء رحلات قطارات السكك الحديدية وقطارت الأنفاق "المترو" والحافلات وبعض الرحلات الجوية، فيما أغلقت معظم المدارس أو قدمت خدمة حضانة فقط، ما أجبر العديد من الأهالي على البقاء في المنزل أو العثور على حلول بديلة.

    ونزل قرابة 450 ألف شخص إلى الشارع في أنحاء فرنسا قبيل حلول المساء، وهو رقم لا يشمل الآلاف الذين نزلوا إلى شوارع باريس، بحسب تعداد لوكالة الانباء الفرنسية استنادا إلى أرقام الشرطة والسلطات. وكانت معظم المظاهرات سلمية.

    في حين ذكرت الكونفدرالية العامة للعمل أن 250 ألف شخص شاركوا في العاصمة.

    وذكر إيف فيريه الأمين العام لنقابة "القوى العاملة" في مستهل مظاهرة باريس "لم نشهد مثل هذه المشاركة منذ وقت طويل جدا".
    وتابع "نتوقع من الحكومة الآن أن ترى حجم هذه التعبئة وأن تفهم أن نظامها الشامل فكرة سيئة".

    ورغم أن مظاهرة باريس بدأت بشكل سلمي إلا أن متظاهرين يرتدون ملابس سوداء أضرموا النار في وقت لاحق بمقطورة تخزين وهشموا واجهات المتاجر ما دفع بالشرطة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لوقف أعمال التخريب التي وقعت على مقربة من ساحة الجمهورية بشرق باريس.

    وأطلقت الشرطة أيضا الغاز المسيل للدموع في مدينة نانت (غرب) حيث اندلعت مواجهات بين المتظاهرين مع الإطفائيين وعناصر الأمن.

    وتم توقيف 71 شخصا حتى الآن في العاصمة الفرنسية بحسب شرطة باريس. ومع حلول الظلام كان المتظاهرون لا يزالون في الساحة.

    تمديد الإضراب

    وقالت نقابات النقل العام إنها ستمدد حتى الاثنين على الأقل إضرابها المفتوح الذي أدى إلى إلغاء 90 بالمئة من رحلات القطارات الفائقة السرعة و70 بالمئة من رحلات القطارات بين المناطق، فيما تأثرت جميع خطوط مترو باريس.

    وكانت ساعة الذروة أقل اكتظاظا من المعتاد في العاصمة الباريسية إذ أخذ كثيرون يوم عطلة تجنبا لفوضى التنقل، فيما كانت أبواب العديد من المتاجر والمطاعم مغلقة لعدم تمكن الموظفين من الوصول إلى العمل.

    وكانت ممرات الدراجات مكتظة بسبب تنقل الكثيرين بالدراجات.

    ولم تتمكن الصحف الوطنية من إصدار أعدادها المطبوعة فيما قالت الكونفدرالية العامة للعمل إن عمالا قطعوا الطرق المؤدية إلى سبع من أصل ثماني مصافي نفط، ما يثير مخاوف من نقص في الوقود في حال استمر الإضراب.

    وقالت الشركة الوطنية للسكك الحديدية إن 90 بالمئة من رحلات القطارات الفائقة السرعة سيتم إلغاؤها مجددا الجمعة محذرة من "أعطال كبيرة جدا" لرحلات يوروستار وتاليس التي تؤمن رحلات إلى لندن وبروكسل.

    ومن جهتها، ذكرت شركة الخطوط الجوية الفرنسية أنها ستلغي 30 بالمئة من رحلاتها الداخلية و10 بالمئة من رحلاتها الدولية القصيرة المسافات.

    انعدام الاستقرار

    ويأمل أكثر المعارضين تشددا لتعديل نظام التقاعد أن يكون التحرك طويل الأمد وأن يؤدي لشل البلاد على غرار ما حصل عام 1995.

    حينها توقفت حركة النقل العمومي لثلاثة أسابيع نتيجة تحرك احتجاجي على تعديل في نظام التقاعد والضمان الاجتماعي، أدى في نهاية المطاف إلى تخلي الحكومة عن مشروعها.

    وبهذا التعديل الجديد، تقوم الحكومة الفرنسية بخطوة جريئة في ظلّ سياق اجتماعي متوتر أصلا، يتمثل بحراك "السترات الصفراء" غير المسبوق الذي بدأ قبل نحو عام، وكذلك بالاستياء في أوساط عدة قطاعات مثل المستشفيات والشرطة والإطفاء والتعليم والسكك الحديدية والمزارعين والإطفائيين وغيرهم.

    وأكد إيمانويل ماكرون أواخر نوفمبر/تشرين الثاني "أحمل مشروعا طموحا لبلادنا ولن أتراجع عنه".

    وعنونت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية الخميس "النقابات تهاجم والحكومة تنتظر".

    وكتبت صحيفة "لوموند" من جهتها "إصلاحات التقاعد: ساعة الحقيقة بالنسبة لإيمانويل ماكرون".

    وقالت الصحيفة "خلال حملته الرئاسية، قدم المرشح ماكرون نفسه على أنه الشخص الذي سيقوم بإصلاح عميق في البلاد...بعد ثلاث سنوات، يبقى هذا التموضع الجريء لشخص لا يتراجع أمام العقبات نقطة القوة الرئيسية للرئيس".

    واعتبرت أن ماكرون "ومن خلال تعديل نظام التقاعد، يدرس مدى قدرته على مواصلة حركته الإصلاحية".

    ويأتي التحرك خصوصا للإعراب عن رفض النظام التقاعدي "الشامل" الجديد القائم على النقاط، والذي يفترض أن يستبدل 42 آليةً معمول بها حالياً، من الآليات الخاصة بالموظفين والعاملين في القطاع الخاص إلى الأنظمة الخاصة والمكملة.

    وتتعهد الحكومة بان يكون النظام الجديد "أكثر بساطة" و"أكثر عدلا"، لكن المناهضين للتعديل يتوقعون أن يؤدي إلى "انعدام في الاستقرار" لدى المتقاعدين.

    ما خطوات التحرك المقبلة؟

    وفي قطاع التعليم، أعلن 70% من أساتذة تعليم المرحلة الابتدائية الإضراب، فيما يتوقع أن يكون عدد الأساتذة المضربين في مرحلة التعليم الثانوي قريبة أيضا وفق مصدر نقابي.

    ودعا الخميس النائبان من حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتطرف أدريان كاتانا وإريك كوكريل إلى سحب مشروع التعديل الذي "يضر بجميع الفرنسيين".

    وإذ يؤيد الفرنسيون الإصلاح في نظام التقاعد، يدعم غالبيتهم أيضا الإضراب، وفق استطلاعات للرأي، في بلد لم يلتقط أنفاسه بعد من المظاهرات الاحتجاجية لحركة "السترات الصفراء" التي امتدت بين أواخر عام 2018 ومطلع عام 2019.

    ويشارك في التحركات الحالية ناشطون من "السترات الصفراء" والأحزاب اليسارية وكذلك حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.

    وينضم إليهم كذلك 180 مثقفاً مثل الخبير الاقتصادي توماس بيكيتي والممثلة أريان أسكاريد للتنديد بـ"انتهاكات حكومة نيوليبرالية وسلطوية".

    ولن يكشف عن مشروع الإصلاح التام قبل منتصف ديسمبر/كانون الأول من أجل طرحه للتصويت أمام البرلمان مطلع عام 2020.

    وأبقت الحكومة الأسبوع الماضي الباب مفتوحا أمام دخول التعديل الجديد حيز التنفيذ بعد عام 2025، إضافة إلى تطبيق بنود أساسية بالنسبة للنقابات.

    وعلى مستوى النقابات، يعدّ الناشطون منذ الآن لتحركات إضافية، مع عقد جمعيات عمومية آخر النهار في الشركات والإدارات، والتحضير لاجتماع صباح الجمعة لعدة نقابات وتنظيمات طلابية.

    فرانس24 / أ ف ب

    أخبار