أثارت التقارير الحقوقية التي صدرت خلال الأيام القليلة الماضية، وكشفت نوعية الانتهاكات التي تجري بحق المعتقلات السعوديات في السجون والتي وصلت لحد الانتهاكات الجنسية، تساؤلات بشأن دوافع النظام السعودي من وراء ذلك، في ظل مجتمع يتعامل مع المرأة باعتبارات فيها حساسية عالية.
ووفقا لتقريرين حقوقيين، فإن المعتقلات تعرضن لتعذيب "وحشي"، بالإضافة إلى "التصوير العاري والتحرش الجنسي الجسدي، واللمس بمواقع حساسة خلال التحقيق".
وكشفت منظمة "القسط" لحقوق الإنسان في بريطانيا، أن المحققين أمروا اثنتين من المعتقلات، بـ"تقبيل بعضهن من الشفاه، وحين رفضن ذلك جلدن بوحشية".
خروج عن السيطرة
رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان محمد جميل، قال إن وصول النظام السعودي إلى هذا المستوى من التعذيب "غير المسبوق يعكس المحاولات المحمومة لولي العهد محمد بن سلمان، للوصول إلى العرش".
وأوضح جميل لـ"عربي21" أن سعي ابن سلمان وراء كرسي المملكة "محفوف بالخوف على المدى القريب والبعيد، ويرى في القمع وسيلة لتأمين الطريق نحو السلطة، بأي شكل كان من أشكال التعذيب، ولو عبر الانتهاكات الجنسية".
ولفت إلى النظام في الرياض بات "خارجا عن السيطرة، ولم يجد أي رادع له من السير في هذا الطريق"، مشددا على أن "الصمت الغربي عن هذه الجرائم هو ما شجعه على الاستمرار بها".
وبشأن غياب الأصوات الداخلية عن رفض مثل هذه الانتهاكات، قال جميل: "المجتمع القبلي هناك بعد الانتهاكات في السعودية والإمارات، تم تدميره وهم يمهدون لأمور كبيرة".
وأضاف: "لو حدثت هذه الانتهاكات قبل سنوات لكان هناك موقف آخر من الناس، لكن في ظل الظروف الحالية هناك عمليات تخويف وشيطنة وماكنات إعلامية تخون كل من يرفع صوته، بل وتبرر كل هذا الإجرام".
لكنه في المقابل أشار إلى أن هذا الحال "سيستمر إلا إذا حدث رد فعل لا يتوقعه أحد، من الناس والرهان على تحرك الدول التي تدعي حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، للضغط على السعودية للتوقف عن هذه الوحشية تجاه المعتقلين نساء ورجالا".
وتابع جميل: "لو أن دولا مثل بريطانيا وأمريكا وغيرها اتخذت قرارات بشأن وقف تزويد الأسلحة أو التدريبات الأمنية والاستخباراتية ،لشاهدنا تغيرات سريعة بشأن القضايا الحقوقية والانتهاكات التي تحدث بشكل يومي".
شخصية مرضية
من جانبه قال الحقوقي والمعارض السعودي المحامي يحيى عسيري إن المجتمع السعودي وأمام ما تمارسه السلطات بحق المعتقلات من "سادية ووحشية" وفق قوله يتعرض "لضغط كبير بأن ينال نصيبه من هذه الانتهاكات إن اعترض أو رفع صوته".
وأوضح عسيري لـ"عربي21" أن القادرين على التعبير عن آرائهم "يقبعون داخل المعتقلات اليوم، ومن هم في الخارج معذورون بسبب مستوى الإرهاب والتخويف الواقع عليهم".
ورأى أن الدافع من وراء وصول التعذيب بحق المعتقلين وخاصة النساء منهم إلى هذا المستوى من "السادية والبشاعة، هو الشخصية المرضية التي يعاني منها ولي العهد السعودي ومعاونوه".
وأضاف عسيري: "جمال خاشقجي لم يكن هناك داع للتعامل معه بكل هذا الكم من الوحشية، إن كان الهدف لديهم قتله، لكن هناك أمر غير منطقي في ممارساتهم وساديتهم، وخاصة مشاركة سعودي القحطاني على الأقل مرتين في جلسات التعذيب للمعتقلات".
وشدد على أن الأصوات الناقدة والحقوقية في أي مجتمع ديمقراطي، "ليست خطرا" لكن في المقابل "كلما كان النظام أكثر قمعية ودكتاتورية تصبح الأصوات الناقدة مشكلة حقيقية لديه، لأنها تكشف زيف دعايته الإعلامية عن الإصلاحات، وحقوق الإنسان".
وعلى صعيد التحركات لوقف هذه الانتهاكات قال عسيري: "هناك تحركات كثيرة بالداخل، ونريد للتحركات أن تكون محسوبة ومنطقية ولا نرغب بارتفاع أعداد المعتقلين والتعويل على شخصيات لها ثقل بالدولة، لتحدث نوعا من التغيير، فضلا عن الضغط على الغرب الذي هو أكثر ما تخشاه الأنظمة العربية".