الحمدلله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدّين، وبعد:
فإنَّ هيئة علماء فلسطين في الخارج تتابع مع عموم أبناء أمتنا الإسلاميّة مجريات الحرب الاقتصاديّة المعلَنة ضدّ الشقيقة تركيا، فبعدَ أن فشلت مساعي المجرمين بالانقلاب العسكريّ هاهم يحاولون اليوم زعزعة أمن تركيا والتأثير على قرارها من خلال محاولات الانقلاب الاقتصاديّ، وأمام هذه الحرب الشعواء على تركيا وسيادتها واستقلالها ومكانتها فإنّ الهيئة تؤكّد على الآتي:
أوّلًا: لقد أفصحت أمريكا ومعها كثيرٌ من دول الغرب والعديد من عملائها من الحكّام الأذناب عن حقدهم على تركيا التي تمثّل اليوم معقد أمل المسلمين بعد الله تعالى، وقد أطلِقت من التصريحات والإجراءات وفُرضت من العقوبات والقرارات ما لا يدعُ مجالًا لشكّ عاقلٍ بأنّ المستهدفَ ليس تركيا وحدها بل ما تمثّله في العالم الإسلاميّ، فواجبُ الأمة اليوم أن لا تتخذ هؤلاء المجرمين الحاقدين بطانةً لها، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" آل عمران: 118،119
ثانيًا: تشيدُ الهيئة بالموقف التركيّ الرّافض للإذعان، والثّابت في وجه العاصفة، والمعتمد على الله تعالى، المتمثّل في قول الرئيس رجب طيّب أردوغان: لهم دولاراتهم ولنا الله، وتؤكّد بأنّ الأمّة كلّها وأحرار العالم الرافضين للهيمنة الأمريكيّة يقفون اليوم مع تركيا بكلّ قلوبهم وقوّتهم وإمكاناتهم.
ثالثًا: تدعو الهيئة شعوب الأمّة إلى التحرّك العاجل لمناصرة تركيا الشقيقة في مواجهة الهيمنة الأمريكيّة، ولئن كانت الشّعوب لا تملكُ التدخل العاجل المباشر في الحروب العسكريّة فهي اليوم قادرةٌ على التحرّك لدعم الاقتصاد التركي بكلّ الأسباب التي تجعله يصمد في هذه المعركة، وهنا تؤكّد الهيئة بأنّه يجب وجوبًا شرعيًّا على كلّ مسلمٍ قادرٍ على دعم الاقتصاد التركي ولو باليسير أن يهبّ لفعل ذلك، بناءً على ما يحدّده اهل التخصص من إجراءات، وإنَّ هذا من صور النّفير الواجبة، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ" التوبة:38
رابعًا: تؤكّد الهيئة بأنّه يجب على المتخصصين في علوم الاقتصاد والسّياسة بيان الأوجه المجدية في دعم الاقتصاد والليرة التركيّة في مواجهة الهيمنة الأمريكيّة، وأن يضعوا بين أيدي عموم المسلمين الإجراءات التي يمكنهم فعلها في مختلف مواقعهم وعلى اختلاف إمكاناتهم السياسية والاقتصاديّة، فإنَّ هذا وقت الحاجة إلى البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهم في هذه المعركة من أهل الذّكر المقصودون بقوله تعالى: " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" النّحل:44
خامسًا: تدعو الهيئة جميع دول العالم الاسلاميّ للانخراط في هذه المعركة التي يمكن أن تكون معركة تحرّرٍ من الهيمنة الأمريكيّة على الاقتصاد العالمي، ولئن لم يتحرّك الحكّام لدينهم وأخوّتهم فليتحرّكوا لمصالح بلدانهم وشعوبهم.
سادسًا: تدعو الهيئة مؤسسات العلماء في مختلف بلاد العالم الإسلامي إلى عقد لقاءات يجتمع فيها أهل الخبرة والتخصص في الاقتصاد والسياسة والشرع للخروج بآليّات عمليّة لمناصرة تركيا الشّقيقة، وقد عزمت الهيئة على عقد لقاء عاجل يضم ثلّةً من المتخصصين في السياسة والاقتصاد والشريعة لبحث آليات مواجهة الحرب الاقتصاديّة على تركيا.
سابعًا: تؤكّد الهيئة بأنَّ هذه المعركة هي جولةٌ من جولات المعركة المستمرّة بين الحقّ والباطل، وإنَّ العاقبة فيها للحقّ وأهله، وأنَّ الباطل زاهق لا محالة، فطوبى لمن كان في ركب الحقّ من الحكام والشعوب والخزي والعار لمن قبل على نفسه أن يكون في ركب الباطل، قال تعالى: " بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ" الأنبياء: 18
هيئة علماء فلسطين في الخارج
2/ذو الحجة/1439ه
الموافق 13/آب"أغسطس"/2018م