الإثنين 23 ديسمبر 2024 02:27 صـ 21 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    أخبار أوروبا

    ”حرب النقاب”.. كرة الثلج المتدحرجة في أوروبا

    رابطة علماء أهل السنة

    تتزايد أعداد الدول الأوروبية التي تقر قوانين تحظر النقاب وتفرض غرامات وعقوبات على المخالفات، ومن اللافت أن بعض الدول التي أقرت قوانين الحظر لا يتجاوز عدد اللائي يرتدين النقاب فيها بضع عشرات.

    بدأت القصة من فرنسا قبل نحو 8 سنوات، ووصلت اليوم إلى أحدث محطاتها في الدانمارك التي دخل اليوم قانون حظر النقاب فيها بالأماكن العامة حيز التنفيذ رسميا.

    وبالتحاق الدانمارك بقائمة الدول الأوروبية التي تحظر النقاب في الأماكن العامة تتسع دائرة التضييق على المسلمات المنقبات في أوروبا وتضيق الخيارات المتاحة لهن في مواجهة مساعي حظر النقاب وأشباهه.

    وسبقت الدانمارك إلى هذه الخطوة دول أوروبية عديدة، منها فرنسا وبلجيكا والنمسا وإلى حد ما هولندا وبلغاريا، وتذرعت هذه الدول بذرائع أمنية وبالحاجة إلى تعزيز الاندماج الوطني والحفاظ على القيم الأوروبية وتعزيز الهوية الأوروبية.

    ولا تنص قوانين المنع الأوروبية في الغالب على النقاب بشكل منفرد، بل تتحدث في منطوقها عن حظر أي ملابس تغطي الوجه جزئيا أو كليا في الأماكن العامة كالشارع والحدائق العامة ومحطات القطار والمتاجر وغيرها، سواء كان نقابا أم برقعا أم لحى اصطناعية وأقنعة لا تُظهر إلا العيون أو نحو ذلك، ولكن بعضها تمنع خاصة ارتداء أو وضع رموز دينية واضحة في المدارس الرسمية ومنها النقاب.

    المحطة الأحدث
    لم يأت حظر النقاب في الدانمارك بين عشية وضحاها، فقد سعى حزب الشعب الدانماركي (قومي متشدد) منذ سنوات لحظر النقاب، باعتبار أنه يمثل إهانة للمرأة ولا ينسجم مع الهوية الدانماركية والقيم الأوروبية.

    كانت أول مواجهة بين المنقبات وقوانين الحظر الأوروبية في فرنسا عام 2011 (الأوروبية)

    ونتيجة للتوافقات التي تمت بين الائتلاف الحاكم قبل أكثر من عام أقر البرلمان الدانماركي في 31 مايو/أيار الماضي قانون حظر النقاب في الأماكن العامة، المقدم من حكومة وسط اليمين، ونال تأييد أكبر قوتين بالبرلمان، وهما الاشتراكيون الديمقراطيون والحزب الشعبي الدانماركي (شعبوي)، حيث وافق عليه 75 نائبا مقابل 30 رفضوه.

    وينص القانون على "أن كل شخص يرتدي ملابس تخفي وجهه في الأماكن العامة عرضة لدفع غرامة"، وستبلغ قيمة الغرامة ألف كرونة (حوالي 160 دولارا)، وفي المخالفة الرابعة وما تليها من مخالفات سترفع الغرامة إلى عشرة أضعاف عن كل مخالفة.

    ولا توجد بيانات رسمية عن عدد النساء اللاتي يرتدين النقاب في الدانمارك. وكان وزير العدل سورين بابي بولسن قد قال لصحفيين في فبراير/شباط الماضي "لا أعتقد أن هناك الكثير منهن، لكن إذا كان الوضع كذلك فيجب أن يعاقبن بدفع غرامة"، معتبرا أن إخفاء الوجه في الأماكن العامة يتنافى مع قيم المجتمع الدانماركي.

    وعلقت منظمة العفو الدولية في بيان بالقول "إن كانت بعض القيود المحددة على ارتداء النقاب مشروعة لدواعي الأمن العام، فإن هذا الحظر ليس ضروريا ولا متوازنا وينتهك الحقوق بحرية التعبير والديانة".

    وتعتزم منقبات في الدانمارك تنظيم احتجاج في الأول من أغسطس/آب، على أن تنضم إليهن مسلمات غير منتقبات وسيدات غير مسلمات من الدانمارك تنوي معظمهن ارتداء النقاب أثناء الاحتجاج.

    وأعلنت تلك المجموعة نيتها رفض القانون وتحدي الحكومة عبر تشكيل ما أطلق عليه "نساء في حوار" للاحتجاج وزيادة الوعي تجاه ضرورة السماح للنساء بالتعبير عن هويتهن بتلك الطريقة.

    فرنسا.. هنا كانت البداية
    انطلق قطار حظر النقاب والبرقع بالأماكن العامة في أوروبا من فرنسا التي أقرت قانونا يحظر النقاب بالأماكن العامة في أكتوبر/تشرين الأول 2010، ثم بدأ العمل به رسميا في 11 أبريل/نيسان 2011.

    وقضى القانون بفرض غرامة قدرها 150 يورو (216 دولارا) على أي امرأة تخالف القانون الذي يحظر إخفاء الوجه بحجاب أو قبعة أو قناع في الأماكن العامة، أي الشارع والحدائق العامة ومحطات القطار والمتاجر.

    وتعد الأقلية المسلمة في فرنسا (نحو خمسة ملايين نسمة) الكبرى في أوروبا الغربية، لكن يعتقد أن أقل من ألفي مسلمة ترتدين النقاب بشكل فعلي.

    بلجيكا
    وجاءت بلجيكا التي يشكل المسلمون فيها حوالي 4.5% من السكان تاليا بعد فرنسا، حيث دخل قانونها المتعلق بحظر النقاب حيز التنفيذ في 23 يوليو/تموز 2011 بعد إقراره في البرلمان بالإجماع باستثناء نائب واحد رفض واثنين امتنعا عن التصويت.

    ويفرض القانون على المخالفات غرامة تقدر بـ137.5 يورو بالإضافة إلى السجن سبعة أيام، ويأتي تكميلا وتعزيزا للوائح أصدرتها سلطات بلجيكية محلية عام 2008 تحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة.

    النمسا
    ورغم أن ظهور النساء المنقبات في الفضاء العام نادر في النمسا –حسب وسائل إعلامية عديدة- فإنها حرصت هي الأخرى على الالتحاق بركب المانعين للنقاب والبرقع في الأماكن العام.

    وبموجب القانون الذي بدأ تطبيقه في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2017، تفرض غرامة على النساء اللاتي توقفهن الشرطة وترفضن كشف وجوههن غرامة قدرها 150 يورو (176 دولارا).

    أبدت سيدات منقبات في الدانمارك إصرارهن على رفض قوانين الحظر ومواجهتها (رويترز)

    ويحذر المسلمون في النمسا من أن الحظر على النقاب يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالاغتراب بدلا من تحقيق هدف الحكومة المنشود المتعلق بالاندماج.

    قالت كارلا أمينة بهجتى، التي تترأس القسم النسائي في الجماعة النمساوية للعقيدة الإسلامية "ليس لدينا أي تعاطف مع النقاب، لكننا رغم ذلك نعارض الحظر".

    هولندا
    وفي أواخر يونيو/حزيران الماضي أقر مجلس الشيوخ الهولندي قانونا يحظر ارتداء النقاب في بعض الأماكن العامة كالمؤسسات التربوية والنقل العام والدوائر الرسمية والمستشفيات، منهيا بذلك نقاشا استمر لسنوات حول هذا الموضوع الحساس.

    وأفاد بيان أورده الموقع الإلكتروني لمجلس الشيوخ أن المجلس "اقترح مشروع القانون يفرض حظرا على ارتداء الملابس التي تغطي الوجه بشكل تام أو تظهر فقط العينين في المؤسسات التربوية، والنقل العام، والدوائر الرسمية، والمستشفيات".

    ويفرض القانون غرامة مالية على المخالفات قدرها 400 يورو، ولا تتجاوز المرتديات للنقاب في هولندا بعض عشرات من السيدات، وتقدرهن الحكومة بنحو 100 امرأة فقط.

    وكان موضوع الحظر على أجندة البلاد عام 2012، إلا أن تفكك الحكومة الائتلافية في ذلك الحين حال دون صدور القانون الذي حظي بموافقة مجلس الوزراء، قبيل عرضه على البرلمان.

    وقريبا من القانون الهولندي الذي أقر حظرا جزئيا على النقاب أصدرت بلغاريا قانونا مشابها في العام 2016 لا يتضمن حظرا على ارتداء النقاب في كل الأماكن العمومية، ولكنه يفرض غرامة كبيرة على المخالفات تصل إلى 750 يورو، وهي غرامة أعلى من نظيراتها في بقية الدول الأوروبية.

    ألمانيا
    وفي ألمانيا وافق مجلس النواب الألماني في 28 أبريل/نيسان 2017 على مسودة قانون يمنع الموظفات الحكوميات من ارتداء النقاب، وسط مخاوف بشأن اندماج أكثر من مليون مهاجر، معظمهم من المسلمين.

    ويرغم نص القانون الموظفات الحكوميات والقاضيات والجنديات في ألمانيا على أن تبقى وجوههن مكشوفة بالكامل أثناء عملهن، إلا أنه لا يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة.

    أما النساء غير العاملات في المؤسسات العامة فيمكن للسلطات "عندما يكون التحديد ضروريا ومطلوبا" أن تطلب نزع النقاب. ويتضمن نص القانون استثناءات في حالات خطر العدوى مثلا.

    المصدر : الجزيرة

    حرب النقاب كرة الثلج المتدحرجة أوروبا

    أخبار