هذه رسالة تركها أحد الشهداء المصريين الذين قام النظام الانقلابي المجرم باختطافهم وتلفيق التهم لهم وإعدامهم.
ونحن لا نبكي ولا نحزن، بل نتساءل، أو مثل هذا يُعدم ؟، حامل القرآن البار بوالديه!!! ... أو مثل هذا يُعدم؟
زهرة شباب مصر يُقتلون باسم القانون، ومحاكمات هزلية، لا تعرف الأدلة ولا البراهين، وإنما تعرف الغل والحقد، والغل والحقد فقط، فهؤلاء الشباب هم أمل مصر ومستقبلها، وهم يقتلونهم بدم بارد، وهنا نحتار هل يكرهون هؤلاء الشباب، أم يكرهون مصر نفسها ؟
وهل من الممكن أن تسيطر المصالح السياسية على القلوب والعقول والعيون، فتقوم بكل هذه المظالم دون أن يطرف لها رمش؟
أم أن من يفعلون ذلك تم السيطرة على عقولهم لدرجة عدم الإدراك لما يفعلوه؟
كل هذه تساؤلات تحتاج إلى أجوبة، ولكن حقيقة واحدة ستظل واضحة وضوح الشمس، ألا وهي : أنه مهما طال ليل الظلم فسيعقبه نهار يزيح هذه الظلمة، وسيذهب الظالمون إلى المكان اللائق بهم، سنّة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.
وإليكم كلمات هذه الرسالة التي كتبها الشهيد قبل أن يلقى ربه.
"لاتقلق يا أبي".!
أبلغوني بأن التنفيذ بعد ساعات وها أنا أخط إليك كلماتى للمرة الأخيرة اجد غصة فى صدرى ، لكن لا تقلق يا أبى فولدك مازال على الدرب ثابتا لم يتزحزح ؛ ولدك الذي حفظ القرآن الكريم كاملاً وحصل على المركز الأول في مسابقة القرآن ؛ ألا تذكر يا أبي عندما رفضت أن أتقدم لأستلم الجائزة وقلت هذه الجائزة لأبي الغالي وهو من سيستلمها وانا سأقف بجانبه لأني لولاه لما حفظت القرآن وذهبت بعدها لأمي لأقبل أقدامها ، لا تلومنى يا أبى فوالله لم أبكى إلا لأنى أشتاقك أشتاق عناق منك وتقبيل يدك أشتاق رائحتك وصوتك أشتاق أمى ، اعتذر لها يا أبى بالنيابة عنى أخبرها بأنها مهجة الفؤاد ، هى فتاتى الجميلة ، ضاقت بى الزنزانة كرهتها رائحة العفن مازالت تفوح منها ....
لقد جاء وقت التضحية يا أبى أنبخل ان نجود بدمائنا ، اعلم يا أبى بأنى أحبك أحبك كثيرا مازالت ضحكاتك فى أذنى اسمعها وأنا أكتب إليك لم أندم على المضى فى الطريق ، أتذكر سؤالك لى ، الان أجيبك نعم سأتحمل لانى مؤمن به وقد تحققت مقولتلك فالان قد اطمئن الصدر وسرت الطمئنينة فى الجسد لقد أتممت رسالتي التي خلقت من أجلها، أتذكر منذ نعومة أظافري اقول لك لقد مات فلان يا أبي كان ردك الذي لازال في مسامعي انه اتمم رسالته ورحل....
ها أنا أتممت رسالتي وسأرحل اعلن يا ابي ان هذه الدار ليست ديارنا ، انا لست اخاف الاعدام ولا الحبل الذى سيشنقونى به لينهو حياتى كلا والله ،كلا لن أخاف أنا لا أخشى الموت لا أخافه بل ألقاه بصدر رحب أما آن لذاك الجسد المتعب أن يستريح ، أما آن لتلك الروح المتقدة أن تهدأ يظنون بقتلى تنتهى رسالتى كلا يا أبتى إنها باقية ما بقيت الحياة...
سأتوضأ واستعد لملاقة حبيبتى ألست عريس الجنة كما كانت تقول أمى ، سامحنى إن أخطأت فى حقك ذات يوم وإنى والله فخور أننى ابن لك وأنك معلمى يظنون بأننا سننكسر كلما فقدنا أحد رفاقنا كلا يا أبى لا تيأسوا ولا تحزنوا بل أكملوا امضوا ولا تلتفتوا للوراء اعلموا يا أبى أن ثأرنا واجب عليكم الى يوم الدين....
وإلى أمى الطيبة أيتها السيدة الفريدة من نوعك إياكى والبكاء وإلا سأحزن منك زغردى يا أمى واحسبى ابنك شهيد يا مهجة الفؤاد اتتذكري حينما قلت لكي وإِنِّيَ إلى عنانِ السَّماءِ أغادرُ، لا أَرَانيَ ها هُنَا، ولمْ أرَ نفْسِى يوْمًا ها هُنَا.
لهيبٌ كجمرِ النَّار يأكل قلْبِى، ويفتت الكبد فى جسدى، يؤلمنى، ولا يعزِّينى أحدًا ، أنَا ها هنَا الآنَ، تؤلمنى هجرتى، ولا يُنْسِينِى الرحيلُ صُحْبَتِى، ولكنْ فى كلِّ ذكرى يوئد الفؤادَ دونَ رحمةٍ.
سامحينى إن أخطأت فى حقك فى يوم ما ، ها أنا أسمع خطواتهم قادمة يا أمى ، تذكرينى ، تذكرينى ، تذكرينى يا أمى وأخبريهم عنى ، أخبرى رفاقى انهضوا من سباتكم خذوا بثأرنا واستردوا حقنا ، من ولدك المدلل سجين عنبر الاعدام.