إريتريا ...التهويد المنظم وتصفية العلماء
رابطة علماء أهل السنةإرتريا دولة تقع في شرق افريقيا ، وتطل على أطول ساحل في البحر الأحمر ، وتتحكم في منفذ باب المندب ، وتطل بمرتفعاتها الشاهقة على الجزيرة العربية جنوبا ، وحتى مكة المكرمة شمالا ، وتجاور أحد أكبر البلدان الإفريقية ( أثيوبيا ).
ووفقا لتوصيات بن غريون أحد مؤسسي الكيان الصهيوني وأول رئيس لوزرائه : يجب بناء مرتكزات للكيان الصهيوني في دول الجوار مثل تركيا وإيران وأثيوبيا، مؤكدا على أنه لا وجود للكيان الصهيوني بدون السيطرة علي البحر الأحمر ولذلك أٌقحمت أثيوبيا في إرتريا، كما هو معروف، لضمان السيطرة عليها لأن البحر الأحمر تحيط به دول عربية ولذلك لا يستطيع الكيان الصهيوني استخدامه بحرية.
وبذلك لا أحد يشك أو يتردد بأن علاقة الكيان الصهيوني بأثيوبيا ولدت مع ميلاد هذا الكيان مباشرة وكانت أثيوبيا من الدول الأولى التي اعترفت بالكيان الصهيوني، والمعروف أن الضابط البريطاني اليهودي أوردي وينجت Orde Wingate والذي أسس جيش الدفاع الإسرائيلي، هو ذاته الذي قاد في 1941م معارك الغوريلا ضد الإيطاليين في أثيوبيا لإعادة تنصيب الإمبراطور هيلاسلاسي في عرشه ودحر الفاشيين.
وبذلك بدأت العلاقة الاستراتيجية بين الكيان الصهيوني ونظام هيلاسلاسي، وبدأ رئيس وزراء الكيان السابق ديفيد بن جوريون في تشكيل استراتيجية جديدة والتي علي ضوئها، عملت الحكومات الصهيونية المتعاقبة في تركيا وإيران وأثيوبيا، وأصبحت أثيوبيا في هذه الإستراتيجية أرض ميعاد صهيونية نسبة لمركزيتها لأفريقيا ولدول حوض النيل.
وقد دعمت تل أبيب الامبراطور الأثيوبي بعد إلحاق إرتريا به في محاربة الثورة وأنشأت قوات الكومندوز التي كانت أسوأ جيش عرفه الإرتريون وأقام بالمقابل الصهاينة قواعد لهم في جزر إرتريا علي البحر الأحمر، وأقام الكيان الصهيوني مدرسة عسكرية في مدينة (دقي امحري)في إرتريا لتدريب الجنود الإثيوبيين على حرب العصابات لمواجهة الثوار الإرتريين،ويدير هذه المدرسة مجموعة من الخبراء الصهاينة، وقد تخرجت الدفعة الأولى من هذه المدرسة في أيلول 1964، ويبلغ أفراد هذه الدفعة 300جندي كوماندوس.
وبالفعل قام الإمبراطور الإثيوبى ( هيلي سلاسي ) بتنفيذ المخطط الصهيوني بمحاولة إبادة الشعب الإريتري، وكان يكرر ويقول { أريد أرضا بلا شعب ) وفعلا تمكنت أثيوبيا أن تبيد وتقتل وتهجر عددا كبيرا من الشعب الإرتري ! وظلت الثورة الإرترية تنادي ، وتصرخ بالإبادة التي يتعرض لها الشعب الإرتري ، ولكن كانت المنظمة الدولية ، والمنظمات الإقليمية، كالعادة في مثل هذه الظروف، تجاهلت هذه الصرخة، مما يوحي بالتواطؤ والمباركة لإبادة هذا الشعب.
- في مستهل نيسان إبريل 1964، أرسلت الحكومة الإثيوبية 6 كولونيلاً من البوليس الإرتري إلى تل أبيب لقضاء فترة تدريبية هناك، ثم أتبعتهم بـ22 ضابط آخرين.
- زارت إرتريا بعثة صهيونية برئاسة مدير المخابرات وطافت معظم مديريات إرتريا حتى وصلت مناطق الحدود الإرترية-السودانية،ومكثت في إرتريا أسبوعا من 5/4 إلى 12/4/ 1964
- سمحت الحكومة الأثيوبية للصهاينة ببناء قواعد عسكرية في الجزء الغربي من إرتريا وأهم هذه القواعد قاعدتا (رواحباب) و (مهكلاي) وهي تقع بالقرب من الحدود الإرترية- السودانية، وتقوم الطائرات الصهيونية بالطيران المباشر بين هذه القواعد وتل أبيب ) كما ازدحمت إرتريا بالشركات الصهيونية وعملت في مجلات شتى زراعة وتعدين وصناعة وتجارة ...إلخ
وقد وقفت تل ابيب مع كل حكام أثيوبيا الذين تعاقبوا بعدهيلي سلاسي واحتفظت بامتيازاتها كلها حتى في عهد نظام منقستو الذي بدى وكأنه يخالف الغرب .
و تأسس في هذه الآونة تنظيم ( الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا ) في سبتمبر عام 1975م ، والذي ناضل فيه الشعب الإرتري من أجل تحرير بلادهم، حتى تم تحرير كامل التراب الإرتري في يوم 24/مايو / 1991م.
أعقبه في عام 1993م تنظيم استفتاء شعبي أشرفت عليه الأمم المتحدة وراقبته منظمات دولية وإقليمية أفضى الى نيل إرتريا استقلالها وحريتها وذلك بعد حقب طويلة من الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان وتعيين إسياس أفورقي رئيسا لإريتريا.
وكانت لحظة رفع علم إرتريا بجانب أعلام العالم ( لحظة عاطفية عاصفة ) امتزجت فيها دموع الفرحة ، والذكريات الأليمة معا ، وخاصة لكل إرتري قد تعرض لقتل أهله ، وإحراق بيته ، ومصادرة ممتلكاته ، وتهجيره خارج إرتريا ! حيث اصبح لاجئا مشردا ذليلا .
الكثير من الإرتريين الذين كان ذووهم قد تم إخفاؤهم في مرحلة النضال على يد الثوار من تنظيم الجبهة الشعبية ينتظرون الإفراج عن ذويهم ولكن كانت المفاجئة أن هؤلاء الرجالات الذين كان أغلبهم من المناضلين واللجان التابعة لتنظيم الجبهة الشعبية نفسه ، أو ممن كانوا منتمين لتنظيمات أخرى مثل ( جبهة التحرير أو حركة الجهاد الإسلامي الإرتري أو تنظيمات أخرى ) لم يظهر أحد منهم ، ولم يستطع ذووهم حتى من الحصول على أي إجابة ما إذا كانوا على قيد الأحياء أم تمت محاكمتهم بالسجن المؤبد أو القتل ، أو التصفية ! وطرقت هذه الأسر كل أبواب الحكومة المؤقتة ولكن لم يستطيع أحد أن يعترف بوجود هؤلاء المعتقلين أصلا دعك من معرفة مكانهم ! وهذه كانت أول صدمة تلقاها الشعب الإرتري ، ولا يعرف عدد هؤلاء ولكنه يقدر بالمئات ومن مختلف الفئات .
ورغم أننا نجد أن بعض المصادر ترجع علاقة نظام الجبهة الشعبية بالكيان الصهيوني إلي تاريخ زيارة أسياس أفورقي للكيان الصهيوني بعد الجلاء الأثيوبي عن إرتريا بحجة العلاج لكن هناك دلائل عديدة تؤكد ارتباط افورقي بالكيان الصهيوني منذ النصف الأخير من الستينات في القرن الماضي وتقول بعض المصادر انه في الثمانينات التقى في السفارة الصهيونية في كينيا مسؤلين يهود سمح بعدها كما تؤكد مصادر عدة من ضمنها مستشاره السوداني حاج حمد برفع الفيتو عن انفصال إرتريا عن أثيوبيا والنتيجة: (كانت الصدمة أقوى مما هو متوقع فقد وقعت إرتريا مجدداً تحت طائلة احتلال لهو بحق أقسى وأكثر ظلماً من الاحتلال الإثيوبي وهذا الاحتلال هو الاحتلال الصهيوني والأمريكي الذي عمل بالاتفاق مع الصهيونية العالمية لتنصيب العميل أسياس أفورقي رئيسا لإرتريا تحت رفض ومعارضة شعبية كبيرة لكنها لم تحقق من معارضتها إلى الآن أي شيء سوى أنها تعرضت للقتل والتعذيب والسجن والتهجير ومن ثم إتباع سياسة التصفية الجسدية للثوار الذي جلبوا الحرية لإرترية وبدأت عملية التصفية الجسدية.
وقد أوجد الكيان الصهيوني مع انفصال إرتريا وهيمنة اتباعه عليها عدد كبير من الأنشطة الثقافية والتجارية والصناعية والعسكرية والأمنية ...الخ وأصبحت إرتريا كما وصفتها الصحف الصهيونية قلعة الصهيونية و يلخص التقرير التالي جزء مما هو كائن فقد :
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن معلومات سرية، تنشر لأول مرة عن مدى حجم التبادل التجاري والتعاون الوثيق بين الكيان الصهيوني وإريتريا، مؤكدة أنها تحولت في السنوات الأخيرة لتصبح قلعة إسرائيلية داخل القارة الأفريقية.
وأوضحت يديعوت خلال تقرير مفصل لها نشرته، أن عشرات الشركات الصهيونية تعمل تحت غطاء شركات أوربية على أرض هذه الدولة الفقيرة في عدة مجالات بدء من المجالات الأمنية مروراً بالأدوية ومناجم الماس وانتهاء بالزراعة والتجارة.
وأضافت "يديعوت أحرونوت" أن إريتريا تكن احتراما وتقديراً كبيرا للكيان الصهيوني، وأن العلاقة الأمنية بينهما متينة للغاية، حيث إن عدداً من كبار الضباط الصهاينة يشرفون على تدريب وحدات الجيش والشرطة وكذلك الوحدات الخاصة "الكوماندوز" هناك، ... وكشفت يديعوت إنه يوجد للكيان الصهيوني في إرتريا قاعدتين عسكريتين، الأولى متخصصة في الجانب الاستخبارى وجمع المعلومات والثانية قاعدة تزويد للغواصات الألمانية التي يستخدمها الجيش الصهيوني. وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن هناك العشرات من الصهاينة يقيمون اليوم في إرتريا، ويعملون في الزراعة لصالح شركات أوروبية.
ونقلت يديعوت عن المحامى الصهيوني "عدى برونشتاين" مستشار جمعية الصداقة الإسرائيلية الإفريقية بأنه طرأ ارتفاع هائل في حجم النشاطات بين كلا من تل أبيب وأسمرة خلال السنوات الخمس الماضية. كما نقلت الصحيفة العبرية عن أحد العمال اليهود الذين يعملون بإرتريا قوله إن الصهاينة يحبون هذا النوع من الدول الناشئة حيث إمكانيات العمل هائلة، من تزويد الأدوية والسكر والبطاطس وحتى جلب السمسم والكاكاو إلى الكيان الصهيوني.
وفي ظل هذه العلاقة الحميمة، والتي يسيطر فيها الصهاينة على إريتريا وثرواتها، كان العائق الوحيد متمثلا في معارضة الشعب لهذا النوع من الاحتلال بالإنابة.
وبالطبع كانت النتيجة إصدار الأوامر للحكام الخونة باعتقال وتصفية المعارضين، وتجفيف منابع الفكر والدين المتمثلة في علماء المسلمين، وإغلاق المعاهد الدينية واعتقال المعلمين.
ففي يوم 17/07/1991م قامت قوات الأمن الإرتري بخطف القاضي الإرتري/ محمد مرانت نصور ... وهو رجل عرف بمقاومته المستعمر الإثيوبي في جميع مراحل حياته ، وكان قد خرج من سجن المستعمر الإثيوبي قبل ايام قليلة من الاستقلال ، وكان اعتقاله صدمة كبيرة في أوساط الشعب الإرتري .
ثم تواصلت الاعتقالات منذُ ذلك التاريخ حتى شملت الاعتقالات في عام 1994م جميع المدن الإرترية ، وكانت أغلبها ضد العلماء ، والمشايخ ، ووجهاء المجتمع ، ثم طالت بعد ذلك جميع شرائح المجتمع علماء، وجنود ، وعمال ، وفلاحين ، وحتى وزراء في وزارات سيادية ، وضباط في مواقع حساسة ، وفنانين ، وعمد ، وطلاب جامعات .
وكما في تقرير صدر من لجنة التقصي لحالة حقوق الإنسان في إريتريا والتابعة لمفوضية الأمم المتحدة والذي وقع في 484 صفحة "خلصت اللجنة فيه إلى أن انتهاكات ممنهجة وجسيمة أرتكبت ومازالت ترتكب في إريتريا تحت سلطة الحكومة."
واتهم المحققون في جنيف النظام الإريتري بارتكاب إعدامات تعسفية وتعذيب ممنهج، تضمن الاغتصاب أيضا، مشيرين إلى توفر أدلة ترتقي الى{ أركان الجرائم ضد الإنسانية} وجاء في تقرير اللجنة أن معظم الإريتريين يرون أنفسهم في مواجهة مع أزمة مميتة .
وإلى حضراتكم بعض من تمكنا من جمع أسمائهم من العلماء والمعلمين الذين تم اختطافهم لسنين طويلة، ولا يعرف ذويهم عنهم شيئا حتى كتابة هذه الكلمات : -