استدعت وزارة الخارجية التونسية، الثلاثاء 23 أغسطس/آب 2017، السفير التركي على أراضيها؛ بسبب مقطع فيديو للداعية المصري المقيم بإسطنبول وجدي غنيم.
وأكد وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، في تصريح لـ"هاف بوست عربي"، أن الخارجية التونسية استدعت سفير تركيا لدى تونس، عمر فاروق دوغان؛ للاحتجاج بخصوص فيديو وجدي غنيم بشأن دعوات المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث بتونس.
وكانت الخارجية التونسية قد أصدرت بيان استنكار شديد اللهجة، وصفت خلاله تصريحات غنيم وتهجُّمه على تونس ورموزها بـ"الخطيرة وغير المقبولة".
كما أعرب بيان الخارجية عن استغرابه من استغلال الداعية المصري غنيم الأراضي التركية للتهجم على تونس، داعياً السلطات التركية لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل مستعجل ضد غنيم.
وكان الداعية المصري قد نشر فيديو، منذ أيام، على فيسبوك، أطلق عليه اسم "صدق الله العظيم وكذب العلمانيون المبدِّلون لشرع الله في تونس"، هاجم خلاله الرئيس التونسي السبسي والرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ومفتي الجمهورية والبرلمان التونسي وكل علمانيي تونس، وصل إلى حد تكفيرهم، معبراً عن استنكاره لدعوة الرئيس التونسي ودار الإفتاء في تونس للمساواة في الإرث بين المرأة والرجل وزواج المسلمة بغير المسلم، كما هاجم غنيم في الفيديو ذاته رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ونائبه الشيخ عبد الفتاح مورو، واتهمه بالتواطؤ من خلال صمته وعدم إبدائه أي موقف أو تحرك حول المسألة التي أثارت جدلاً في تونس وباقي الدول العربية.
#شاهد_الفيديو من الرابط /upload/library/files/ykdl.mp4
وأثارت تصريحات غنيم حفيظة التونسيين ودعوا لمحاكمته واستصدار بطاقة جلب دولية ضده بتهمة مهاجمة تونس وتكفير شعبها ورموزها، بينهم الصحفي التونسي سفيان بن فرحات، الذي خصص إحدى افتتاحيات برنامجه الإذاعي على موجات راديو "كاب إف إم" الخاص، للرد على تصريحات غنيم.
اتهامات التونسيين لوجدي غنيم
ويتهمه التونسيون بإسهامه في دمغجة الشباب التونسي وحثّه على السفر للجهاد في سوريا وليبيا إبان الثورات العربية، وذلك عند قدومه لتونس بدعوة من أحزاب إسلامية في 2012 وإلقائه محاضرات في مناطق عدة من العاصمة التونسية، كما أثارت فتواه عن ختان البنات موجة استنكار شديدة في تونس.
إحراج تركيا
وعن خطوة استدعاء الخارجية التونسية للسفير التركي لدى تونس وتأثيرها على مستقبل العلاقات بين البلدين، أكد المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي، لـ"هاف بوست عربي"، أن ما قامت به تونس هو أمر تكفله لها القوانين والدبلوماسية والأعراف الدولية؛ نظراً إلى التعدي الصارخ وغير المقبول من هذا الرجل على تونس ورموزها، بمن فيهم رئيس الدولة الحالي والراحل الحبيب بورقيبة وتشكيكه في عقيدة التونسيين وإسلامهم.
الحناشي، اعتبر أن وجود الداعية غنيم على التراب التركي -وهو مطالَب من أجهزة الأمن المصرية- يضع تركيا في موقف محرج مع تونس وعلاقاتها المتميزة سياسياً واقتصادياً في ظل حكم النهضة، مضيفاً: "تركيا توجد في وضع غير مريح إقليمياً ودولياً، واتهامها الآن باحتضان جماعة الإخوان يزيد من الضغط عليها".
واعتبر في السياق ذاته أن تونس وتركيا لطالما جمعتهما -ولا تزال- علاقات سياسية متميزة منذ عهد بورقيبة إلى فترة حكم الترويكا، وتعززت هذه العلاقات اقتصادياً، حيث ارتفع حجم الصادرات التركية لتونس إلى نحو 760 مليون دولار، وسط تفاقم للعجز التجاري التونسي مع هذا البلد؛ الأمر الذي أدى إلى احتجاجات كبيرة من السياسيين ورجال الاقتصاد في تونس الذين دعوا لتقليص حجم المبادلات التجارية مع تركيا وإعادة توازن الميزان التجاري المختل بين البلدين.
وخلص إلى القول: "تركيا ستستجيب -ولو شكلياً- لمطلب الخارجية التونسية بتتبع الداعية غنيم؛ وذلك حرصاً على العلاقات السياسية المتميزة مع حركة النهضة حليفة الرئيس السبسي في الحكم، وحفاظاً على العلاقات الاقتصادية المتميزة مع تونس".
ووجدي غنيم، هو داعية مصري عُرف بمواقفه وفتاويه المثيرة للجدل، وهو من بين المطلوبين لدى السلطات المصرية.