سر قاعدة محمد نجيب المصرية.. القصة كما لم تسمعها من قبل
رابطة علماء أهل السنةفيما كانت قوات التحالف تقاتل بشراسةٍ في حرب تحرير الكويت عام 1991، كان الدور المصري لافتًا، إذ أنهى ما عُرف باسم «الفيلق المصري» مهامه المُكلّف بها أسرع من الجميع، وتوغل في عمق الأراضي الكويتية، وقام بتطوير الهجوم قبل الزمن المُتفق عليه، معتمدًا على 40 ألف مقاتل مثلوا رابع أكبر قوة برية مُشاركة في الحرب؛ على الجانب الآخر كانت قوات المظلات المصرية مرابطة في الإمارات لحمايتها؛ لكنّ أحدًا لم يخبرنا عن مصير تلك القوات العائدة من الحرب، سوى أن أحد ضباطها حصل على رُتبة مشير، وتولى قيادة الجيش المصري «حسين طنطاوي» بعد الحرب مباشرة؛ ولعلك تسألُ الآن ما هي العلاقة بين حرب تحرير الكويت وقاعدة محمد نجيب العسكرية؟
في هذا التقرير نبتعد عن الرواية الرسمية المقتضبة عن القاعدة الجديدة؛ ونعيد قراءة الأحداث بصورة قد لم تسمعها من قبل، ومن هنا تبدأ قصتنا.
القواعد العسكرية والاقتصاد المصري.. السرُّ الذي لم يُحكَ
مصر قامت ببناء مدن عسكرية بعد كل حرب عربية
التاريخُ في مصر يعيدُ نفسه مرتين؛ فالرئيس السيسي ليس الحاكم المصري الأول الذي دعمته الإمارات في بداية حُكمه؛ ففي السنوات الأولى لحكم مبارك أيضًا، كانت مصر بدون مقعد في جامعة الدول العربية، وكانت القاهرة تعاني غضبًا عربيًا وحصارًا اقتصاديًا خانقًا عقب توقيع السادات معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979، وأدى قطع العلاقات الدبلوماسية إلى أزمة سياسية واجهها.
وكانت الإمارات هي أول دولة خليجية نادت بعودة العلاقات مرة أخرى مع مصر؛ وتحدث مبارك خلال لقاءات تلفزيونية، أكد فيها أن الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان قال إننا عزلنا أنفسنا عندما قطعنا العلاقات مع مصر، ثم قام بعدة اتصالات وزيارات رسمية خليجية، انتهت بإعادة العلاقات مرة أخرى في عام 1987، لكن دور الإمارات لم يتوقف حينها على تلك الخطوة؛ بل قررت تشكيل لجنة اقتصادية لإنقاذ الاقتصاد المصري المُنهك، وبلغ حجم الواردات في البداية ما قيمته مليار دولار في هيئة صادرات، كما قامت ببناء مدينة الشيخ زايد في الجيزة على مساحة 9500 فدان بمنحة من صندوق أبوظبي للتنمية، كما تم بناء مدينة خليفة السكنية بتكلفة بلغت 100 مليون دولار.
لكن المثير في القصة، أن مصر قررت في عام 1988 بناء مدينة عسكرية في «الهايكستب» تسع 150 ألف جندي، في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة اقتصادية جعلت الحكومة تتجه إلى تعويم جزئي للجنية في العام التالي، وصرحت الحكومة أن الجيش هو من تولى بناء المدينة، وبالرجوع إلى أرشيف الدول العربية في ذلك الوقت، نجد أن العام 1988 كان نهاية حرب الخليج الأولى التي استمرت ثمانية أعوام بين العراق المدعومة عربيًا وبين إيران، وبالرغم من أن مصر لم تشارك في الحرب، إلا أن الحديث العربي وقتها بشأن احتضان مصر والحديث عن جيشها باعتباره حاميًا للدول العربية يظل ربما مؤشرًا يثير احتمالات ممكنة بأن يكون هناك داعمًا خليجيًا لم يُعلن عنه في بناء تلك المدينة، وما يزيد احتمال تلك الفرضية، هي الظروف الاقتصادية الصعبة التي عصفت بنظام مبارك في تلك الفترة، التي بنيت فيها تلك المدينة العسكرية.
في أغسطس (آب) عام 1990 بدأت حرب الخليج الثانية، ولم تكد تنتهي في فبراير (شباط) 1991، حتى بدأ الجيش المصري في بناء مدينة عسكرية جديدة (الحمام) تستقبل القوات العائدة من الحرب، وتم افتتاحها في عام 1993، المفارقة الأخيرة وبالعودة إلى الحاضر فإن قاعدة محمد نجيب العسكرية تم بناؤها في 2015، وهو نفس العام الذي أعلنت فيه حليف النظام المصري منذ الثالث من يوليو 2013 (السعودية) «عاصفة الحزم»، وبالرغم من تراجع الحالة الاقتصادية وانخفاض الاحتياطي النقدي الذي قاد الحكومة إلى تعويم الجنيه في 2016، لم تعلن الحكومة عن مصادر تمويل القاعدة الجديدة –مثلما حدث في عهد مبارك – وبعدما أعاد التاريخ نفسه، وتكررت الصدف ثلاث مرات، يأتي السؤال المثير للجدل، لماذا تقوم القاهرة ببناء قواعد عسكرية بعد كل حرب عربية، ولماذا تتصدر دولة الإمارات الصورة دائمًا؟
قاعدة محمد نجيب.. ما وراء الخبر