الأحد 22 ديسمبر 2024 03:04 مـ 20 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    أعطني أسبابك كي أشاركك أوهامك

    رابطة علماء أهل السنة

    أنا أتفهم تماما أنه إذا انطلقنا من الإسكندرية وهدفنا الوصول للقاهرة وصادفتنا عقبات في طريق (اسكندرية - القاهرة) وصادفتنا أعطال بالسيارة ، وظللنا نغالب عقبات الطريق ونصلح أعطال السيارة المتكررة ، أن نظل نبث الأمل بالوصول للقاهرة مهما كثرت العقبات والأعطال .

    أما أن يكون هدفنا الوصول للقاهرة ونسلك طريق مرسي مطروح ، ونظل مع إصلاح كل عطل نري إشارات الطريق تدل علي أنه طريق ( اسكندرية - مرسي مطروح) ونحن يواسي بعضنا بعضا بالأمل في الوصول للقاهرة .

    فهذا ليس أملاً ، إنه الوهم بعينه .!

    إنه السراب الذي يحول الصحراء في عين الظمآن ماءً ، وكلما اقترب واكتشف الخدعة البصرية ازداد تعلقه بالحصول علي الماء من ذات الطريق .

    هل نستطيع قبل اكتشاف الطريق الوقوف لحظة لتحديد موقعنا بين اليوم والأمس .؟

    يعني : هل التعليم في بلادنا اليوم أفضل أم أسوأ من الأمس .؟

    ونفس السؤال في: قيمة العملة ، والصناعة ، والزراعة ، والسياحة ، والترابط الاجتماعي ، والانتماء الوطني ، وسلم القيم والأخلاق ...؟؟

    وإذا كان عنوان أي طريق للتقدم هو العلم ، فهل إشارات الطريق الذي نسير فيه تدل علي وجود احترام للعلم والعلماء ووضع خطة للنهوض بمنظومة التعليم والبحث العلمي .؟

    هل لدينا أي خطة لمحاربة الغِش والتسرب التعليمي والأمية ...؟

    وإذا كان الغش ظاهرة متفشية وسمة من سمات تدهور العملية التعليمية لا ينكرها أحد ، فماذا تنتظر من ورائها سوي طبيب نجح بالغش ليعبث بصحة المرضي ، ومدرس نجح بالغش ليورث داءه لتلاميذه ، وقاضي نجح بالغش ليعبث بحقوق الناس ، وشيخ نجح بالغش ليضيع علي يديه الدين ..!

    وإذا كان استقلال إرادة أي دولة مرتبط بقدرتها علي إنتاج الغذاء والسلاح والدواء ، أي التقدم في مجالات الزراعة والصناعة والصحة ، فكيف تتحدث عن استقلال وأنت لا تملك أي منها وكيف تدعوني للأمل في الاستقلال ونحن لانملك خطة ولا حتي مجرد حديث عن خطة زراعة الغذاء وصناعة السلاح والدواء .

    مسكين ذلك الوطن الذي يعيش شعبه وهم التقدم وهو يسير للخلف ، ويتصور أن القيادة التي تسببت لسنين في السير للخلف هي بذات منظومتها التي ستقود للأمام ، والأكثر من ذلك أن يصدق أن المشكلة في الشعب الجاهل الكسول الذي لا يجاري قيادته الرشيدة في سرعتها الصاروخية نحو التقدم ، وكأن الشعب هو من يملك السلطة ويستأثر بالثروة ويضع ميزانية الدولة وأهدافها وخططها .!

    لا يستطيع عاقل أن يتخطي قواعد المنطق التي تضع تراتبية متلازمة بين المقدمات والنتائج ، ويشارك الموهومين أوهامهم ، ويريح رأسه كما أراحوا رؤوسهم ، ويزيل همه كما أزالوا همومهم .

    ولكن الأمل شأنه شأن غالبية المعاني الإنسانية يقف وسطاً بين حدين متطرفين ؛ فكما أن الشجاعة تقف وسطاً بين الجبن والتهور ، والكرم بين البخل والتبذير .

    فكذلك الأمل يقف وسطاً بين اليأس والوهم .

    وكلاهما (اليأس والوهم) مدمران للأفراد والجماعات والدول ، ومطيتان مريحتان لركوب الطغاة علي ظهور الشعوب .

    أوهام اليأس الأمل التقدم التخلف الغش التعليم

    مقالات