الجمعة 22 نوفمبر 2024 05:38 مـ 20 جمادى أول 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

     ”حرقُ النموذج”

    رابطة علماء أهل السنة

         

        باتَ من مسلَّمات القواعد الحربية أنَّ تحقيق النصر مرهون بحسن التخطيط، وهو قائمٌ على دراسات دقيقة لمعطيات معينة لتحقيق أهداف الصراع التي تنقسم بدورها إلى أهداف بعيدة المدى (استراتيجية) وأخرى قصيرة المدى (تكتيكية) تخدم الأولى وتصبُّ في مجراها. 

           لقد وضِعَت آلافُ الدراسات والخطط للقضاء على الأمة الإسلامية المرشحة لقيادة العالم بعد زوال قيادته النكدة. 

    واحدةٌ من تلك الخطط الماكرة التي باتت مفضوحة هي خطة (حرق النماذج)، وهذه الخطة قائمة على توجيه الضربات الاستباقية لأيِّ مشروع إسلامي يراد له أن يتكوَّن وينضج فيجمع الشتات وينهض بالمارد المتململ. 
    إنها عملية تسريع لتلك المشاريع التي يطمح أبناء الأمة الشرفاء للوصول إليها، وإتاحة الفرصة لها لكي تظهر إلى العلن ولكن بصورة مجتزأة، ممسوخة ومنفرة، ثمَّ الإطاحة بها بلا كبير كلفة.. إنها خطة شيطنة المشاريع الإصلاحية وإسقاط قدسيتها، بل جعلها الخطر الأول والتهمة الأولى.

       لا يسعُنا اليومَ إلا أن نُقرَّ لعدونا بإحرازه نصرًا محققًا في هذه الجولة من الصراع، فقد نجح في تشويه صورة الجهاد بأيدي المحسوبين عليه بممارساتهم الرعناء وسياستهم الهوجاء، وأصبح الدفاع عن الدين والنفس والأرض والعرض إرهابا تحت طائلة التصفية، بعد أن كان مقاومةً مشروعة. 

       لقد كان نجاحُ عدونا الأكبر في تشويه مشروع الأمة الأكبر في قيام الدولة الإسلامية والخلافة الراشدة التي صار مجرَّد ذكرها عند العامة والخاصة يستدعي اللعنات والزفرات، نعم لقد أوعزوا إلى أوليائهم في الخفاء، ومهَّدوا لهم وشجعوهم على إعلان الخلافة وإشهار الخليفة الهزيل المتخفي عن الرعية، ثم سهلوا لهم البقاء في هذا الكمين ثلاث سنوات حددوها مسبقا، وهي فترة كافية لإقناع العالم بأنَّ أهل السنة - وهم جمهور الأمة المسلمة - لا يَعدون سوى همَجٍ رعاعٍ متوحشين، متعطشين للدماء، لا دين لهم ولا أخلاق، ولا حكمة ولا رحمة.

         لقد أشرتُ إلى هذا المعنى قبل ثلاث سنوات عند بداية اللعبة في الموصل، وأُعيده اليوم بعد إعلان انتهاء اللعبة، وسقوط المشروع، ودفع احتمال عودته لعقود وأجيال قادمة. 

       د. جمال الباشا

    النموذج المشروع الإسلامي الدلااسات الحربية الدولة

    مقالات