نزع سلاح المقاومة!


قال الله تعالى: (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً) (النساء: 102)؛ في تفسير الآية: تمنى الذين كفروا بالله، لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم، يقول: لو تشتغلون بصلاتكم عن أسلحتكم التي تقاتلونهم بها، وعن أمتعتكم التي بها بلاغكم في أسفاركم فتسهون عنها؛ (فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً)؛ يقول: فيحملون عليكم وأنتم مشاغيل بصلاتكم عن أسلحتكم وأمتعتكم حملة واحدة، فيصيبون منكم غرة بذلك فيقتلونكم، ويستبيحون عسكركم.
يقول جل ثناؤه: فلا تفعلوا ذلك بعد هذا، فتشتغلوا جميعكم بصلاتكم إذا حضرتكم صلاتكم وأنتم في مواجهة العدو، فتُمكنوا عدوكم من أنفسكم وأسلحتكم وأمتعتكم، ولكن أقيموا الصلاة على ما بينتُ لكم، وخذوا من عدوكم حذركم وأسلحتكم، ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم. (تفسير الطبري).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: لمَّا رجعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من «الخَنْدَق»، ووَضَعَ السِّلاحَ واغتسل، أتاه جِبْريلُ عليه السلام، فقال: «قد وضعتَ السِّلاحَ؟ واللهِ ما وضَعْناه، فاخرُج إليهم قال: فإلى أيْنَ؟ قال: ها هُنا، وأشار إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، فخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم إليهم» (متفق عليه).
واليوم تتعالى أصوات لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وهو أمر مستغرب! إذ نزع السلاح من المقاوم وقت المعركة ودماء الشهداء والجرحى والمرضى لم تجفّ بعد أمر مُريب، ونزع سلاح المقاومة معناه نزع أرواحهم وهتك مقدساتهم وتدنيس كرامتهم، وهو ضوء أخضر لإبادة حمراء جديدة بموافقة الأنذال الأذلاء الجبناء، وكذلك بمثابة تجديد الولاء العبثي المطلق للصهاينة بتقديم أهل غزة وفلسطين قرابين لنجس الصهاينة!
طال وقت الإبادة، فما زال الصهاينة يعربدون ويفسدون ويقتلون، وما زال المطبّعون يحتضنون القتلة الصهاينة بالأحضان وبلا رجولة ولا مروءة ولا ضمير ولا دين ولا إنسانية، بل يتنادون سراً وعلانية بضرورة نزع سلاح «حماس»، لا يغارون ولا ينصرون ولا يتركون الغيورين يدافعون عن أرضهم وعرضهم!
البعض لا يريد دعم غزة ولا رفع الحصار وتقديم المساعدة ولا يسمح بمظاهرات تأييداً لغزة كما هو في بلاد الغرب، والآن يريد بمشروعه الإستراتيجي العظيم المتميز، يريد نزع سلاح المقاومة؛ وصدق الله: (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً).
ولا نعلم أي سلاح يريدون نزعه من المقاومة.. السلاح النووي، أم الأسلحة البيولوجية، أم الصواريخ الباليستية العابرة للقارات! بل هي كما رأينا أكثرها أسلحة مصنَّعة بأيدي المقاومين يباركها الله ربُّ العالمين بنية طيبة وعمل صالح: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى) (الأنفال: 17).
على مدى ما يزيد على 100 عام، سعى الاستعمار البريطاني ثم الاحتلال «الإسرائيلي» والكثير من الدول إلى تجريد الفلسطينيين من سلاحهم، مقابل تسليح وتنظيم العصابات اليهودية، التي شكلت لاحقاً الجيش «الإسرائيلي»، واستمرت في تلقي الدعم الدولي في مساعيها لتكريس الاحتلال ومنع الفلسطينيين ومناصريهم من مقاومته.
وفرض الانتداب البريطاني على فلسطين قوانين تضع عقوبات مشددة على تسلح العرب مقابل تعزيز تسليح اليهود، واعتمدت سياسات بالغة القسوة لتطبيقه (الجزيرة، محمد غازي الجمل).
وخلال الثورة الفلسطينية (1936 - 1939م)، تم اتخاذ إجراءات من قبل الانتداب البريطاني لنزع السلاح الفلسطيني والتي منها:
- عمليات التفتيش باستخدام الكلاب البوليسية.
- العقوبات الجماعية إذا تم الحصول على أسلحة.
- التعذيب والضغط لاستخراج المعلومات.
- فرض غرامات جماعية كبيرة على القرى.
- إنشاء محاكم عسكرية للمشتبه بهم في حيازة الأسلحة.
فلم ييأس المقاومون، بل لجأ المقاومون إلى تصنيع الأسلحة يدوياً، مثل: القنابل اليدوية المصنعة من مواد بسيطة، إضافة إلى استخدام بنادق معدلة محلياً خلال المواجهات مع البريطانيين والمستوطنين.
إلى المثبطين والمرجفين والجواسيس والمطبعين المراوغين والمستبدين، اقرؤوا آخر تصريحات قادة الصهاينة وملخصها: إن غزة تحتاج آلاف الجنود وسنوات من القتال لاحتلالها؛ يعني ذلك أن غزة عصية على كل الطواغيت.
ألا فلا نامت أعينُ الجبناء!
اللهم منزل الكتاب مجري السحاب سريع الحساب هازم الأحزاب اهزم الصهاينة وزلزلهم وانصر إخواننا المسلمين في فلسطين وفي كل مكان، والله أكبر ولله الحمد.
المصدر: مجلة المجتمع