الخميس 30 يناير 2025 08:22 مـ 30 رجب 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    أخبار مصر

    لماذا يستنكر البعض اتجاه الأزهر لتعريب العلوم ؟

    رابطة علماء أهل السنة

    أثار إعلان جامعة الأزهر توجهها لدراسة «تعريب العلوم»، وتشكيل لجانٍ لبحث «تعريب المقرّرات الدراسية» في كلية الطب والصيدلة، جدلاً واسعاً بين الخبراء، وردود أفعال متباينة؛ بين من يرحب بالخطوة، ومن يعارضها، ومن يدعو لتنفيذها بشروط وضوابط.

    وجاء هذا الإعلان ليطرح تساؤلات عديدة حول تأثير هذه الخطوة على جودة التعليم والتنافسية العالمية للطلاب والخريجين.

    الموافقون

    وفقًا للمسؤولين في الجامعة، تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الهوية الثقافية والحفاظ على اللغة العربية كلغة علمية قادرة على استيعاب المصطلحات التقنية الحديثة، ويرى القائمون على المشروع أن استخدام اللغة العربية في تدريس هذه العلوم قد يسهم في تقليل الفجوة بين الطالب والمادة العلمية، مما يتيح له استيعابًا أعمق دون عائق اللغة الأجنبية.

    المعارضون

    وتباينت الآراء بشكل كبير، فقد رأى البعض أن هناك تحديات ستواجه هذا المشروع، أبرزها: التحدي التقني المتمثل في نقص المصطلحات العلمية الدقيقة باللغة العربية، مما يتطلب مجهودًا كبيرًا لإعداد قواميس علمية حديثة، وإن أغلب الأبحاث والمراجع العالمية تعتمد على الإنجليزية أو لغات أخرى، ما قد يعوق الطلاب من الوصول إلى أحدث الدراسات والأبحاث بسهولة، كما أبدى البعض تخوفه من أن يؤثر التعريب على جاهزية الخريجين للعمل في الأسواق العالمية، حيث تُعتبر اللغة الإنجليزية معيارًا أساسيًا في أغلب القطاعات الطبية والهندسية والصيدلية.

    في حين رأى بعضهم أن الأمر قد يكون طبيعياً وملائماً لجامعة الأزهر؛ وأن فكرة تعريب العلوم الطبية خطوة نحو التوافق بين لغة الطبيب والمريض.

    نقابة الأطباء

    يقول الدكتور جمال عميرة، وكيل النقابة العامة للأطباء، أستاذ جراحة الأورام بالمعهد القومي للأورام جامعة القاهرة: إن “تعريب الطب لن يفيد في شيء، نظرا لصعوبة اللغة العربية في المصطلحات والتعاريف الطبية، فضلا عن أننا ننقل العلوم عن الغرب ولا نعطيها لهم، و لسنا قادة في الطب بل نتبع الغرب، ونتعلم منهم ولسنا من نعلمهم، حيث نأخذ منهم الأدوية ومستلزمات الجراحة والتقنيات وتكنولوجيا الطب، وإن الصين واليابان رغم أنهم يملكون القدرات التي تؤهلهم إلى تدريس تلك العلوم بلغاتهم، إلا أنهم يعتمدون على اللغة الإنجليزية في نشر الأبحاث العلمية لأنها اللغة المقبولة عالميا، مؤكدا أن المقترح غير واقعي، وصعب التنفيذ”.

    مجمل الآراء

    خبير بالصحة: أغلب الإنتاج المعرفي في الطب عالميا بالإنجليزية، ولا نملك مترجمين متخصصين قادرين على ترجمة المناهج بدقة.

    أستاذ بكلية طب جامعة عين شمس: سنظل متخلفين طالما لا ندرس الطب باللغة العربية، ودول العالم تدرس الطب بلغتها الأصلية عدا دول إفريقيا و جنوب شرق آسيا.

    99% من الأطباء لا يشاركون في مؤتمرات دولية ولا يتابعون الأبحاث، و1% منهم فقط يحتاجون لإتقان اللغات الأجنبية.

    نقيب صيادلة القاهرة: لغة الصيدلة موحدة عالميا وأغلب مصطلحاتها لاتينية وتعريبها لن يُفيد.

    مدير مركز البحوث والدراسات الدوائية والإحصاء: كثير من المصطلحات نحفظها بالإنجليزية ولا تفسير لها بالعربي.

    عضو بالنقابة العامة للصيادلة: تجربة لابد من تنفيذها على أيدى مُتخصصين، والحكم عليها بالفشل مسبقا غير عادل، التعريب يسهل الدراسة ويمكن أن ينتج جيلا يمارس الطب بشكل أفضل.

    عضو بنقابة صيادلة القاهرة: تدريس العلوم بلغتنا سيخرج أطباء وصيادلة أقوياء فاهمين مواد دراستهم لأقصى درجة، وأغلب خريجي الثانوية يلتحقون بالكليات وهم لا يفهمون الإنجليزية.

    لن نخسر شيئا من التجربة

    وأشار الدكتور أحمد فخري، عضو مجلس النقابة العامة للصيادلة: إلى أن مستوى الطب من المعروف أنه متقدم، وبالتالي تعد هذه فرصة ملائمة لبدء التطبيق لوجود أساتذة كبار وكوادر طبية وصيدلانية يمكنهم الشرح بشكل صحيح، لافتا إلى أن أحد مميزات هذا الطرح هو أن جامعة الأزهر ستبدأ في التطبيق دون باقي الجامعات، وبالتالي يمكن اعتبار ذلك تجربة في حال نجاحها يتم تعميمها في باقي الكليات، أما إذا فشلت التجربة فلن نخسر شيئا، ويتم التراجع عنها.

    وضع مثالي وتجربة سابقة

    من جانبه، أوضح أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر الدكتور محمد المهدي أن تبنّي مسألة تعريب العلوم تعود إلى مساعٍ للتوافق بين لغة المريض ولغة الطبيب ولغة العلم، «وهذا هو الوضع المثالي الذي نتمناه»، مضيفاً : «بيد أن 90 في المائة من الدوريات والمراجع العلمية مكتوبة باللغة الإنجليزية، ومن ثَمّ لا بدّ من التعامل بهذه اللغة لمواكبة التطورات والاطّلاع على أحدث الأبحاث العلمية والدوريات الطبية».

    وأشار المهدي إلى تجربة في قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر قبل نحو 25 عاماً، موضحاً أن «الدكتور محمد شعلان حين عاد من أميركا كان يتمنى أن يُصبح الطب النفسي باللغة العربية، وكان يقول (المريض عربي وأنا الطبيب عربي لماذا أسمح للخواجة بالتدخل فيما بيننا؟) فكانت نظرته توحيد اللغة بين الطبيب والمريض والمصدر العلمي، وبدأ تنفيذ هذا الأمر، وتصوّر وقتها أنها ستكون تجربة رائدة، وأن باقي الأقسام في كلية الطب ستحذو حذوه، لكن بعد فترة ظهرت مشاكل من بينها أن الطالب لم يكن يتعلم لغة إنجليزية بشكل جيد، ولا يستطيع التفاعل والتعامل مع المؤتمرات والمنتديات العلمية الدولية باللغة الإنجليزية».

    وأصدر المركز الإعلامي لجامعة الأزهر بياناً، الأربعاء، بشأن ما يُتداول في توجيه الدراسة باللغة العربية في قطاعات الطب، والصيدلة، وطب الأسنان، مؤكداً أن الذي يجري حالياً «هو دراسة علميَّة متأنية في إمكانية تعريب العلوم الطبية، ومدى قابلية ذلك للتطبيق، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الأبعاد الأكاديمية والتقنية والتطبيقيَّة لضمان تحقيق أفضل معايير التعليم الطبي، وتلبية احتياجات الطلاب والمجتمع على حدٍّ سواء»، وفق البيان الذي أضاف أن «أي قرارات تتعلّق بهذا الشأن ستصدر بعد الانتهاء من الدراسات والمناقشات العلمية اللازمة بما يخدم المصلحة العامة، وأن جامعة الأزهر ملتزمة دائماً في تطوير العملية التعليمية بما يواكب التقدُّم العلمي، ويلبّي تطلعات الطلاب والمجتمع».

    الأزهر تعريب العلوم الطب الهندسة العلاج

    أخبار