الطريق إلى الحجة المبرورة (2) ,,خطّة سير النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي حجّة الوداع
رابطة علماء أهل السنةسأستعرض فِي هَذِهِ النقطة خطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الوداع وخطَّة إداريي حملات الحجِّ، مع بيان توجيه العلماء فِي ذلك.
يوم التروية:
جاء فِي حديث جابر الطَّويل فِي صحيح مسلم فِي وصف حجَّته صلى الله عليه وسلم قال: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى، فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِهَا الظُّهرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمس.
هذا هدي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خطَّة سيره فِي اليوم الثامن من ذي الحجة.
أما ما يفعله إداريو حملات الحجِّ فِي ذلك اليوم فله صور:
• منهم من يلغي الذهاب إلى مِنَى تمامًا فِي يوم التَّروية من برنامجه.
• ومنهم من يذهب مِنَى بعد صلاة العصر.
• ويندر أن تجد فِي برنامج خطَّة سير حملة من حملات الحجِّ المحلية الذهاب إلى مِنَى قبل صلاة الظُّهر.
قال ابن تيمية رحمه الله: ((وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبِيتَ الْحَاجُّ بِمِنَى: فَيُصَلُّونَ بِهَا الظُّهرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمس كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم)). (مجموع الفتاوى 26/129)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ((بعض الحُجَّاج يذهب رأسًا إلى عَرَفَة ولا يبيت فِي مِنَى، وهذا وإن كان جائزًا؛ لأن المبيت فِي مِنَى قبل يوم عَرَفَة ليس بواجب، لكن الأفضل للإنسان أن يتبع السنَّة الَّتِي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث ينزل فِي مِنَى من ضحى يوم الثامن إلى أن تطلع الشَّمس لليوم التاسع، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم)). (دليل الأخطاء الَّتِي يقع فيها الحاج والمعتمر والتحذير منها 62)
يوم عَرَفَة:
جاء فِي حديث جابر الطويل فِي صحيح مسلم فِي وصف حجَّته صلى الله عليه وسلم قال: ((فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمس، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أنَّه وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الجَاهِلِيَّة، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَة فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا)).
وبوب الإمام ابن خزيمة فِي صحيحه على حديث جابر بقوله: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ السُّنَّةَ الْغُدُوُّ مِنْ مِنَى إِلَى عَرَفَاتٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمس لَا قَبْلَهُ. (صحيح ابن خزيمة 4/248)
فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي صبيحة يوم عَرَفَة كانت خطَّة سيره التَّحرك من مِنَى بعد طلوع الشَّمس والتوجُّه إلى عَرَفَة.
أما ما يفعله إداريو حملات الحجِّ فله صور، منها:
• منهم من يخرج من مَكَّة ليلة عَرَفَة إلى عَرَفَة من غير المرور على مِنَى.
• ومنهم من يخرج من مِنَى إلى عَرَفَة ليلًا.
• ومنهم من يوافق الهدي النَّبَوِي ويخرج من مِنَى بعد طلوع الشَّمس إلى عَرَفَة.
قال ابن تيمية رحمه الله: ((وَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُهَا لَيْلًا وَيَبِيتُونَ بِهَا قَبْلَ التَّعْرِيفِ، وَهَذَا الَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاس كُلُّهُ يُجْزِي مَعَهُ الْحَجُّ لَكِنْ فِيهِ نَقْصٌ عَنْ السُّنَّةِ))( مجموع الفتاوى 26/131).