الإثنين 25 نوفمبر 2024 04:42 مـ 23 جمادى أول 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    نعم.. أخطأنا الطريق !  وعلى علمائنا تحمل المسؤولية 

    رابطة علماء أهل السنة

    نعم.. أخطأنا الطريق ولم نكن في مستوى تحديات المرحلة.
    أخطأنا الطريق حين تركنا بعض القضايا المصيرية في بلادنا يعبث بها من لا يرى في ديننا وثقافتنا وتاريخنا مصدر أمننا الاجتماعي وأساس تقدمنا الحضاري وأملنا في استرجاع هيبتنا بين الدول والأمم والتحرر من سلطة الغرب الثقافية والتشريعية.
    وهؤلاء العابثون يعتقدون أننا أمة فقدت ذاكرتها، وأنها تعيش بدون وعي أو بدون انتماء ولا هوية، وأن الساحة أمامهم فارغة لمحو شخصيتها وتشويه معالم منهجها الأصيل الذي عمر أكثر من 14 قرنا ومازال يعد بالصمود والمقاومة والغلبة.
    ومن أهم هذه القضايا التي يحاول العابثون البت فيها بالتحريف والتضليل والخداع: قضية المرأة المغربية ووضعيتها الحقوقية؛ حيث لا يتوقفون عن رفع شعارات الكرامة والتحرير والمساواة بشأن قضية المرأة، وهي شعارات حق لا غبار عليها، ولكن العابثين يريدون بها الباطل، وتوسيع رقعة الصدع، وإشعال أكثر من فتنة.
    ونحن هنا نتساءل: من يحق له أن يبت في قضية المرأة الاجتماعية والدينية؟ وهل يستساغ عقلا ودينا ودستورا أن نحتكم إلى آراء من يركن إلى أيديولوجيات ومذاهب وضعية للحكم على شؤون نسائية مرتبطة بنصوص شرعية قطعية الثبوت والدلالة؟. فإذا كنا لا نرضى بأن "يفتي" الطبيب في مجال الهندسة المعمارية، ولا نقبل بأن يتصدى الإسكافي لقضية إصلاح التعليم والتربية، ولا نسمح للحاصل على رخصة سياقة السيارة بقيادة طائرة مدنية أو عسكرية، فكيف نقبل أن يدلي ماركسي أو ليبرالي أو ملحد أو منحرف عقديا برأيه وفكره ومنهجه في قضية إرث المرأة مثلا؟ أو في سلوكها الأخلاقي؟ أو في طبيعة تدبيرها للأسرة وعلاقتها بالرجل وقد حدد لها دينها كل الشروط والأوضاع والأنساق لإنجاح هذا التدبير؟ كيف نقبل بهذا التدخل السافر وكلاهما يحاربان الدين صراحة وعلنا؟.
    نعم.. أخطأنا الطريق حين فتحنا الباب في وجه اشتراكِيٍّ يعادي الدين ويحاربه ولا يؤمن بالإرث أساسا ولا بالفطرة، وقلنا له: أفتنا في قضية زواج المرأة والرجل وطلاقهما، وفي تربية الأبناء وأنصبتهم في تركة آبائهم وأمهاتهم.
    نعم .. أخطأنا الطريق حين سمحنا لمن يناضل - باسم الليبرالية - من أجل نشر قيم الإباحية والفاحشة بين أفراد مجتمعنا المحافظ، ويؤمن بالرضائية في الجنس، ويرى – ظلما وعدوانا - ب"صوابية" العلاقات الشاذة بين النوع الإنساني الواحد، ويمنع زواج الفتاة بدعوى عدم بلوغ سن الرشد، ولكنه يبيح الزنا تحت "يافطة" الحرية الفردية وحرية التصرف في الجسد، بأن يفتي لنا في قضية المرأة المؤطرة والمرعية بأحكام ديننا المنصوص عليه في الدستور.
    نعم.. أخطأ علماؤنا الطريق حين انحازوا للصمت، واستمرأوا الظل، وخانوا الأمانة بترك قضية المرأة بين أيادٍ ليبرالية واشتراكية وعلمانية إلحادية تعبث فيها بما تستورده من قيم تغريبية فاسدة ومهلكة، ومن أفكار وضعية تتنافى ومنهج الفطرة في رسم الحدود وبناء الإنسان السوي وإقامة المجتمع الفاضل.
    إن قضايا الأسرة والأحوال الشخصية لا يمكن البت فيها إلا من طرف أهل الذكر والخبرة والعلم الشرعي، أي أن الكلام حول هذه القضايا يرجع؛ أولا وأخيرا، إلى علماء الأمة ومؤسسات الدولة الشرعية لكونهم أدرى بمنطوق نصوص الكتاب والسنة، وأقدر على فهمها وتفسيرها وتأويلها بما يلائم المقاصد الربانية القائمة على العبودية لله، وأما آراء علماء الاجتماع والنفس والطب وباقي علماء الدنيا فعلى الرأس والعين، لكن من باب الاستئناس بها واستحضارها – اختيارا لا لزوما - في سياق التقويم والتصحيح، شريطة أن تكون هذه الآراء ذات مرجعية شرعية بعيدة عن جون لوك وجون استيوارت مل وتوماس جيفرسون وماركس وإنجلز.

    أخطأنا الطريق علمائنا المسئولية تحديات ديننا الخبرة الشرعية

    مقالات